قال العضو العربي عن "القائمة المشتركة" في كنيست الاحتلال الإسرائيلي سامي أبو شحادة: إن مشاركة رؤساء دول عالمية للمنتدى الدولي "الهولوكوست" الذي سيعقد في الثالث والعشرين من الشهر الجاري بالقدس المحتلة، يدلل على أن هناك دعمًا دوليًّا لسياسة الاحتلال ولرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو المشتبه فيه بالتورط في قضايا فساد، وأن هناك تحولًا كبيرًا نحو اليمين المتطرف على الساحة الدولية.
وأوضح أبو شحادة في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، أن أسبابًا عدة تقف وراء هذه المشاركة من قبل رؤساء الدول، أهمها المصالح الشخصية والقناعات السياسية، ما يدلل على أن ما يدير الساحة الدولية هي العلاقات والقوى والمصالح".
ومن المقرر أن يعقد الاحتلال منتدى “الهولوكوست” في القدس المحتلة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، بمشاركة أكثر من خمسين بعثة من أنحاء العالم بينهم رؤساء وملوك وأمراء. ومن بين الضيوف سيكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الألماني فرانك شتاينماير، وملك هولندا فيليم ألكسندر، ونائب الرئيس الأمريكي وزوجته، وولي عهد النرويج، وولي عهد المملكة المتحدة.
رسالة داخلية
وبين أبو شحادة أن نتنياهو يرى أنه ما زال هناك دعم دولي كبير جدًّا للاحتلال وسياساته وهو سيستعمل هذا الإنجاز للحسم لمصلحته في الانتخابات الإسرائيلية القريبة بالادعاء أنه الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بهذا الدور على الساحة الدولية.
ولفت إلى أن نتنياهو اختار موضوعا يسهل تجنيد قيادات كثيرة من العالم حوله وهو قضية الحرب العالمية الثانية و"الكارثة اليهودية"، ولم يختر موضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مستدركًا: "كان يجب أن يكون دور للقيادة الفلسطينية، بأن تستغل الحدث وتدعو كل هذه القيادات المهمة ليتم الحديث معها عن الاحتلال والتهويد وجدار الفصل وإبعاد الاحتلال على حياة ملايين الفلسطينيين".
وذكر العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي أنه لو قام الفلسطينيون بدورهم على الساحة الدولية لأحدثوا تغييرًا، لأن وضع القضية الفلسطينية على الساحة الدولية أفضل بكثير مما يعتقد أبناء الشعب، وهذا ما يعكسه التصويت الكبير بأغلبية ساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لولا تدخل أمريكا واستخدام حق النقض الفيتو، من خلال الدعم المفتوح من الإدارة الأمريكية لدولة الاحتلال.
وشدد أبو شحادة على ضرورة وحدة الفلسطينيين وإنهاء الانقسام بينهم حول برنامج سياسي متفق عليه من جميع الفصائل الفلسطينية وإعادة بناء منظمة التحرير، باعتبار أن أمامهم دولة قوية لديها مؤسسات وميزانيات كبيرة جدًّا، ولديها واحد من أقوى الجيوش على مستوى العالم، مردفًا: "علينا أن نتوحد ونتصرف كشعب له قيادة استراتيجية موحدة".
ولفت إلى أن الحالة "التعيسة" التي وصل إليها الفلسطينيون تأتي بسبب إضعاف وتغييب منظمة التحرير الفلسطينية، وأنه لا توجد خطوة واحدة لإنهاء الانقسام.
كما شدد على أنه يجب أن يكون للفلسطينيين بمختلف أطيافهم سياسة خارجية موحدة وأن يكون لسفارات السلطة دور أكبر بكثير في هذا الاتجاه.
حول توجهات حكومة الاحتلال في السيطرة على القدس خلال العام الجاري، ذكر شحادة أن الاحتلال قرر الإجهاز على حل الدولتين، ورأى أن هذه الفرصة هي المناسبة لذلك بسبب حالة الضعف الرهيب الفلسطيني والعربي وكذلك من خلال الدعم غير المشروط من أمريكا على المستوى الدولي.
وأضاف أن الاحتلال وجد فرصة مواتية لإنهاء حل الدولتين وفرضه واقعًا على الأرض في قضية القدس.
تخوفات كبيرة
وعن التوجه الإسرائيلي الخارجي، أوضح أن ما يجري في العقد الأخير هو تغيير كبير في السياسات الخارجية لدولة الاحتلال بقيادة نتنياهو الذي قرر أن يطور علاقات الاحتلال الخارجية مع عدد كبير من دول العالم التي لم تكن لها علاقات قوية مع الاحتلال بالأخص الدول غير الديمقراطية والأنظمة الديكتاتورية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وعدد من قيادات اليمين في أوروبا الشرقية، بسبب بداية النجاح التي حققته حملة المقاطعة العالمية ""BDS، وما حققته من حصار للاحتلال في دول أوروبا الغربية والدول الديمقراطية.
واستدرك أبو شحادة: "كان يجب أن تكون لنا كفلسطينيين ردة فعل وبرامج لتحدي هذا التغيير الكبير من أجل الحفاظ على انجازات حركة المقاطعة الدولية ولكن لم نقُم بذلك".
ولفت إلى أن التغييرات في السياسة الخارجية الإسرائيلية أتت بالأساس للتعامل مع التحديات الجديدة التي وضعتها حملة المقاطعة وبدأت تحصد نجاحات مهمة جدًّا.
وأردف: "لكن للأسف؛ لا توجد هناك استراتيجية فلسطينية موحدة تدعم النجاحات التي حققتها الحملة التي ما زالت مرتبطة بنشاطات وفعاليات شخصية مهمة على المستوى الدولي، تطوع فيها عدد كبير من أنصار القضية الفلسطينية، كانوا بحاجة لدعم القيادات الفلسطينية من منظمة التحرير والفصائل جميعها، كي يستطيعوا القيام بعمل أكبر.
ضغط معنوي
وأوضح أن الاقتصاد الإسرائيلي قوي وغير متوقع من حملة مقاطعة القضاء عليه، مبينًا أن قوة الحملة بالأساس بالضغط المعنوي والأخلاقي بالأدوات المتاحة لمن يقومون بها وفي عدد النشطاء والمؤسسات والجمعيات.
ونبه شحادة إلى أن العامل الأهم والغائب عن الحملة هو وجود قيادة فلسطينية موحدة لديها استراتيجية واضحة للتعامل مع ملف إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وهذا الأمر غير قائم.
ولفت إلى أن حالة الانقسام الفلسطيني أصبحت وكأنها أمر طبيعي، رغم أنها تعوق حتى عمل أنصار القضية من خارج فلسطين المحتلة، وتؤثر بشكل عام على كل نشاط وفعاليات وأي شيء يريد أن يفعله هؤلاء الأنصار.
ويعتقد النائب العربي في كنيست الاحتلال أن هناك تعاملًا جديًا من دولة الاحتلال مع حملة المقاطعة، ولذلك تم تغيير السياسات الخارجية الإسرائيلية، والدليل أن نتنياهو احتفظ بملف العلاقات الخارجية بيده على مدار سنوات لأن هناك تخوفات كبيرة ما زالت قائمة من تأثير الحملة.
التخوف الأول، وفق أبو شحادة، هو صورة دولة الاحتلال على المستوى العالمي، فالحملة غيرت الصورة التي حاولت ترويجها دولة الاحتلال بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط، فضلًا عن أن للحملة نتائج اقتصادية عدة وأثرت بشكل عيني على مصانع بذاتها.
وأشار شحادة إلى أن الأهم من ذلك هو القرار الأخير الصادر عن محكمة العدل الدولية الذي ينص أنه يمكن محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيلية، وهذا أكثر شيء يخيف دولة الاحتلال وقد يضع أغلب القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية امام محكمة العدل الدولية، وهذا إحدى نتائج حملة المقاطعة.