غالبًا ما يخجل الرجال من مساعدة زوجاتهم في أعمالهم المنزلية حتى إن كان هذا العمل بسيطًا, وقد يصل الأمر في بعضهم لرفض أي عمل بحجة أنه قد ينقص من رجولتهم أو قد يقلل من شأنهم؛ وقد يقول بعضهم بأن الأعمال المنزلية هي للمرأة أو "أنا ليش تزوجتها".
ويضيف: "هذا الخجل أو الرفض قد يكون نابعًا من خوف الرجل على شخصيته باعتقاده أن ذلك قد يمس كرامته؛ فتجده في بيته ينهى ويأمر يأكل وينام، متذرعًا بأنه سيد البيت وصاحب الأمر والنهي فيه أو أنه متعب من عمله الذي يعمل به؛ وأن أكبر واجباته فقط هي أن يجلب النقود لأهل بيته ثم ينتهي دوره عند ذلك, متناسيًا أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قدوتنا جميعا؛ فقد كان يخدم أهل بيته؛ وحين سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن عمل رسول الله قالت: لقد كان رسول الله يحب أن يعمل بيده حتى أنه كان يخيط ثوبه, فإذا جاء وقت الصلاة تركه وانشغل بها.
إذًا لماذا الخجل أو الرفض عزيزي الرجل؟ هل تخشى أن يقال عنك محكوم لزوجتك حين تساعدها في بعض أمور منزلك؟ لقد قابلت في حياتي أصنافًا عديدة من الرجال وحين كنت اسألهم بم تساعد زوجتك في البيت منهم من أجاب بكل فخر بأنه يفعل كل ما يمكنه فعله كإعداد الطعام معها أو لها؛ ومنهم من قسم "أدوار الجلي" معها؛ وكانت إجاباتهم دون حرج أو تردد. والبعض الآخر كان قد أجاب بأنه لا يفعل شيئًا سوى العمل خارج البيت وجلب المال بحجة: "إيش يقولوا عني الناس؟ محكوم لزوجته؟".
كل هذه النظرات التي تعددت ما جاءت من فراغ, فمن تعود من صغره على احترام أمه ومساعدتها ومد يد العون لأخواته في عملهن داخل المنزل سيكون هو الآخر عونًا لزوجته التي تستيقظ من ساعات الصباح الباكر لتجهز أطفالها لمدارسهم؛ وتعد لهم فطورهم ثم تعود لاستكمال أعمال منزلها ثم لاستقبال زوجها من عمله وأطفالها من مدارسهم لتطعمهم وتعلمهم دروسهم وواجباتهم حتى إن انتهى يومها تعود لفراشها وقد أكل منها التعب ما أكل، أفلا تستحق منك ولو لمرة أن تساعدها بتعليم أطفالك أو صنع الطعام لهم أو تبديل ملابسهم؟ أما من رأى أن ذلك قد ينقص من كرامته وكيانه كرجل فهو لم يساعد أيًا من أهله أبدًا، واكتفى بإلقاء الأوامر: اصنعي كذا ولا تصنعي كذا هاتي هذا وخذي ذاك.
على صعيدي الشخصي مذ كنت ابن 11 عامًا علمتني أمي كل شيء، كل شيء تفعله المرأة في بيتها ولا داعي لذكر ما تفعله الأنثى من مهام؛ لأن جميعنا يعرف ما هي تلك المهام وما من مقام ذكر فيه هذا الموضوع إلا تفاخرت بذلك أني كنت أساعد أمي وما زلت رغم أني تزوجت وصار لي بيت أساعد فيه قدر استطاعتي لكني كثيرًا ما كنت أسمع كلمة "محكوم لزوجتك" فلم تزعجني هذه الكلمة ولن تغير فيّ أبدًا.
عزيزي القارئ حين قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرًا"؛ لم يقصد فقط المعاملة الحسنة والإنفاق عليهن فلولاه يعلم أنهن ضعيفات الجناح لما أوصانا بهن. فمساعدتك لأمك أو لأختك أو لزوجتك هي تطبيق لقول النبي وهديه صلى الله عليه وسلم، ولو كان عملا بسيطا، قد تستهين بفعل شيء ما وتقول ماذا سيقدم ذلك أو بماذا سيفيد لكن جرب ولو لمرة واحدة أن تغسل أطباق العشاء بدلًا من أختك وانظر لأثر ذلك الفعل فيها.
قد يستغرب من حولك من صنيعك لكن مع مرور الوقت ستصبح محل فخر بعيونهم وسيزداد قدرك أكبر مع مرور الوقت.
لن تكسر هيبتك بل ستزداد أكثر؛ وستكبر بعيون أهلك ودعك من اتهام "أنا مش محكوم"؛ ولتساعدها بأي فعل بسيط وانظر لأثر هذا الصنيع.