فلسطين أون لاين

الشهيد سعيد صيام.. نسَف عقيدة "التنسيق الأمني" فاغتاله الاحتلال

...
الشهيد سعيد صيام
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

رغم مرور أحد عشر عاماً على استشهاده فإن بصماته المميزة في العمل التنظيمي والحكومي ما زالت تشهد له بعقلية فريدة ميزته وجعلت منه هدفاً للاحتلال الإسرائيلي، فالشهيد سعيد صيام كان أول وزير داخلية يهدم ركائز "التنسيق الأمني" التي قامت على أساسها أجهزة الأمن الفلسطينية وفقاً لـ"اتفاق أوسلو".

فاشتهر صيام في عام 2006م، عندما حصل في الانتخابات التشريعية عن كتلة التغيير والإصلاح على نحو (76) ألف صوت، وهو الرقم الأعلى على الإطلاق في الانتخابات الفلسطينية.

وعقب فوز حماس بأغلب مقاعد المجلس التشريعي شكلت الحركة حكومة منفردة بعد رفض الفصائل المشاركة فيها، وأُسندت لـ"صيام" وزارة الداخلية، حيث أسس جهازاً أمنيًّا جديداً أطلق عليه اسم "القوة التنفيذية" لتمكنه من ضبط الحالة الأمنية في غزة.

وفي يونيو/ حزيران 2006م نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية استهدفته في مكتبه، في إطار العدوان على غزة بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ليرتقي شهيداً في 15 يناير/ كانون ثانٍ 2009م، برفقة نجله محمد وشقيقه وزوجة شقيقه، بالإضافة إلى عدد من الفلسطينيين.

ويقول الأمين العام لحركة الأحرار خالد أبو هلال إنه تعرف على الشهيد صيام بعد أن كلف بوزارة الداخلية في الحكومة العاشرة، حيث عمل معه ناطقًا باسم الوزارة ومديرًا للمكتب الإعلامي لها.

ويضيف: "كانت بداية ملفتة تمثلت في انتصار المقاومة وبرنامجها في الانتخابات الأخيرة، ما أنتج حكومة على رأسها وزارة داخلية تكفر بالتنسيق مع الاحتلال، وتقوم على برنامج عمل جديد وعقيدة وطنية جديدة تقوم على مقاومة الاحتلال ومحاربته ودعم المقاومة، على النقيض تماما لمن قبلها".

قائد وطني

ولفت أبو هلال إلى أن القائد الكبير صيام كان من خلال الحياة معه ومعايشته نموذجًا فريدًا يمتلك المواصفات الشخصية في النزاهة ونقاء اليد وصدق اللسان والأخلاق والقيم والعقيدة السليمة، قائلاً: "لم أصادف قائداً بهذه المواصفات ممَّنْ تعرفت عليهم من قيادات في السلطة من تاريخ تأسيسها".

بينما على المستوى الوطني والمهني كان صيام –وفقاً لأبو هلال- قائداً بحجم الوطن من حيث الانتماء وكونه غير فئوي ولا حزبي، "فرغم مكانته في حماس فإن عقله وصدره كانا أكبر وأوسع ليشمل كل أبناء الوطن بقواه وأحزابه".

وكان من أول الأمور التي قام بها صيام حين تسلم الداخلية عقده لقاء مع أجنحة المقاومة في بيته، معلنًا أن الداخلية بدأت عهداً جديداً، حيث انتهى عهد التنسيق ومطاردة المقاومة والمقاومين، بل ستكون درعاً حامياً للمقاومة وتحمي ظهرها من العملاء والاحتلال، وفقًا لأبو هلال.

وتابع: "كان حكيمًا وذا قدرات قيادية متميزة بشكل عام، وعندما تسلّم الداخلية أصر على إبقاء كل الكادر القديم من القيادات ليستفيد من الخبرة والتجربة الإدارية والمهنية التي اكتسبوها في المرحلة الماضية".

ولفت أبو هلال إلى أن صيام دمج الخبرة القديمة باللون الجديد للوزارة القائم على الفهم الوطني لأبعاد العمل المهني "وتلك بصمة خاصة صاغها ضمن خطة ورؤية وهيكلية الوزارة القائمة على عقيدة أمنية سليمة، وقوانين وضوابط تمزج التجربة المهنية بالقيم الإسلامية والوطنية والأخلاقية".

وأعرب عن اعتقاده بأن صيام نجح خلال أقل من سنتين في تأسيس وزارة داخلية على قاعدة صلبة ومتينة، فلم تنهر المؤسسة حتى بعد اغتياله، فصمدت رغم اغتيال (300) شهيد من كوادرها وقصف جميع مقراتها دفعة واحدة في حرب 2008م.

وقال: "ففي الحرب ذاتها وفي أثناء توغل الاحتلال على الحدود الشرقية لغزة كلفني بعقد مؤتمر صحفي أعلنت فيه حالة الاستنفار للأجهزة الأمنية، مع الجاهزية للتصدي للعدو إذا استمر في عدوانه، الأمر الذي أثار جنون رئيس السلطة محمود عباس، بعد انتقال تلك الأجهزة من التنسيق إلى تهديد الاحتلال والاستنفار ضده".

ورأى أن الاحتلال اغتال صيام بعدما أدرك حجم الخطر الذي يمثله نهجه بتصويب مسار الأجهزة الأمنية من "خادم" للاحتلال إلى عدو لها، وجعلها درعاً لمواجهة الاحتلال بجانب توفير الأمن الداخلي للمواطنين