"من لم يستطع رفع الجراح عن وجهه لن يستطيع رفع السلاح في وجه عدوه".. ردَّدَ حسام الزهار هذه الكلمات وبعد ثلاثة أيام استشهد في قصف إسرائيلي.
في مثل هذا اليوم، 15 يناير/ كانون الثاني من عام 2008، فجعت غزة باستشهاد 17 من مواطنيها، بينهم 13 من كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، إثر تصديهم لاجتياح إسرائيلي في حي الزيتون، جنوب مدينة غزة.
كان من بين شهداء القسام، قادة ميدانيون، أحدهم هو نجل عضو المكتب السياسي لحركة حماس والنائب عنها في المجلس التشريعي الدكتور محمود الزهار.
واستشهد حسام بعد زيارة قبر شقيقه "خالد" الذي قضى في قصف إسرائيلي نفذته مقاتلات جيش الاحتلال الحربية من طراز "اف 16" واستهدف منزل القيادي الزهار في حي "تل الهوا"، جنوب مدينة غزة، بتاريخ 10 سبتمبر/ أيلول 2003.
وحين زار شقيقه قبل استشهاده بثلاثة أيام؛ ردّد أيضًا: "يا رب ما تضمني إلى هذا القبر إلا وأنا مقّطع (أشلاء)".
لقد كان حسام ومجموعته يتصدون لاجتياح جيش الاحتلال لحي الزيتون آنذاك، ومن المؤكد أن ذلك كان بعلم والده الذي قدم اثنين من أبنائه شهداء دفاعًا عن فلسطين المحتلة ويرتكب فيها جيش الاحتلال أبشع الجرائم ضد الإنسانية.
وعدَّ القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، أن ما قدمه الزهار باستشهاد اثنين من أبنائه "وسام شرف بالنسبة له"، مضيفًا أن "الزهار من القادة المخلصين الصادقين الذين جعلوا عنوانهم الجهاد والتضحية".
وأضاف المدلل لـ"فلسطين": "عندما يقدم الدكتور الزهار اثنين من فلذات أكباده يعني أنه لم يكن يطلق شعارات الجهاد ضد العدو الصهيوني وتحرير فلسطين، وإنما كان عمله هو الذي يسبقه".
كما عدَّ ذلك دليلًا على أن "القادة دائمًا يتقدمون الشعب الفلسطيني، ولم يجعلوا من أنفسهم صورًا خارج إطار الجهاد، ولم يكونوا في الخلف كما فعل الكثير من الذين اتخذوا من القضية الوطنية سلمًا لمصالحهم الشخصية والفئوية".
"لكن الدكتور الزهار، غلب الهم والقضية التي يحملها في قلبه على ذاته" كما قال. وأضاف القيادي في الجهاد: إن "الزهار سيبقى شامخًا رغم أنه بلغ من العمر عتيًا، وهذا الشموخ نابع من صدق هذ الرجل الذي لا يزال معطاءً وصادقًا، ولا يزال يجعل من نفسه مشروعًا للشهادة ولم تنكسر إرادته رغم تضحياته، ومحاولات جيش العدو الصهيوني اغتياله أكثر من مرة، لكنه لا زال ماضيًا على طريق الجهاد والمقاومة، حاملاً روحه على كفه".
والقيادي الزهار، كما يقول المدلل، يؤمن أن "القضية الفلسطينية لا زالت تحتاج إلى تضحيات وأن فلسطين لن تحرر بمفاوضات واعتراف بالاحتلال".
وكان الشهيد حسام، كتب في وصيته التي نشرتها كتائب القسام على موقعها الإلكتروني مخاطبًا والده: "أطلب منك السماح لما كان يصدر مني وأعلم أنك تحبني كثيرا لذلك احتسبني عند الله شهيداً ولا تبكي علي، أما عندما أقول عن أمي فهي امرأة غير ما ترون من النساء، إنما هي تلك الأم الحنونة الطاهرة الخاشعة لله المؤدية لما يأمر به الله غير المقصرة في أبنائها ولا بيتها فسامحيني إن أخطأت في حقك وودعيني بالتكبير والتهليل والحمد والثناء لله واسألي لي ربي أن يتقبلني شهيدًا في الفردوس الأعلى حتى ألبسكم تاج الوقار"