فلسطين أون لاين

الأعمال والأقوال في دفع أميركا لمغادرة العراق

قلنا في مقال سابق: إن إيران تريد من الانتقام من أمريكا تحقيق أهداف إستراتيجية تضمن انسحابا أميركيا مبكرا من العراق. الانسحاب المبكر يحقّق لإيران مجموعة كبيرة من المصالح الإستراتيجية لا يحققها الثأر والانتقام بالقتل والاغتيال. قتل مجموعة من الأمريكان قد يجرّ إيران لحرب واسعة النطاق مع أميركا، وهو أمر لا تريده إيران، ولا ترى فيه ما يخدم مصالحها، ولكن تفعيل أجندة الضغط على أميركا للانسحاب، من خلال اتفاق تفاوضي تشرف عليه الحكومة العراقية، أو من خلال تفعيل أعمال ميدانية يقودها الحشد الشعبي وحزب الله العراقي، هو ما يحقق لها جملة من المصالح، وعلى رأسها تعزيز النفوذ الإيراني في العراق.

رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي طلب من وزير خارجية أميركا إرسال وفد أمريكي إلى العراق للتفاوض على أجندة تنظم عملية الانسحاب، وهو ما رفضه بامبيو، وزعم أن أمريكا موجودة في العراق لمحاربة داعش، ومساعدة الحكومة العراقية.

الرد الأميركي يفيد أن أميركا لن تتخلى عن الساحة العراقية، وكذا قوات التحالف لن تبعد عن الرؤية الأمريكية، وأمريكا تنظر بتوجس للطلب الإيراني، وهي لا تنظر بجدية عالية لطلب عادل عبد المهدي، وربما فسرته بأنه طلب إعلامي يستهدف الاحتواء العام، ذلك أن المعطيات القادمة من الساحة العراقية تقول: إن الحكومة العراقية لا تستغني في هذه المرحلة عن الوجود الأميركي، ولا عن الدور الأميركي، وتخشى من تداعيات الانسحاب، حيث يحتضن في الخفاء مجموعة كبيرة من المخاطر، المنظورة وغير المنظورة.

ويبدو أن (إسرائيل) بدأت بحملة إعلامية مضادة لطلب إخراج أمريكا من العراق، وبدأت ضغوط على القيادة الأميركية لاستبقاء وجودها في العراق لفترة طويلة، وأخذت الأقلام التي تعبر عن سياسة الحكومة الإسرائيلية تحذر (إسرائيل) من أخطار الانسحاب الأمريكي المبكر على (إسرائيل)، وتزعم أنه على الحكومة في تل أبيب أن تعد نفسها لمواجهة مع إيران دون أمريكا، التي قد يكتفي رئيسها بالحرب الاقتصادية.

من المفيد أن نذكّر القارئ أن (إسرائيل) هي الطرف الرئيس الذي استفاد من اغتيال سليماني، وأبي مهدي المهندس، وهي الدولة الأكثر استفادة من بقاء القواعد الأميركية في العراق، وأن خروج القوات الأميركية من العراق يضرّ بمصالحها. وعليه، وبناء على ما تقدم يمكن القول: إن الصراع حول إخراج أميركا من العراق ما زال في بدايته، وإنّ أميركا لن تخرج ما لم تواجه بمقاومة جادة ومكلفة، فهل إيران جاهزة لتفعيل هذا الخيار؟! لا أودّ الإجابة، وأتركها للأيام القادمة والأعمال.