فلسطين أون لاين

الأولوية للحدث الداخلي

في خضم الحدث الإيراني، الذي تشكل من اغتيال سليماني، وتهديد إيراني متواصل بالثأر والانتقام، واستعداد أميركي إسرائيلي لمواجهة كل الاحتمالات، غابت من نشرات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي الأحاديث الفلسطينية عن الانتخابات المحتملة، وعن المرسوم، وعن مشاركة القدس فيها، وتلاحقت مسائل سياسية وفقهية عن بيت العزاء في غزة، وعن المشاركة في الجنازة، وغير ذلك من التداعيات.

هذا الغياب قد يريح السلطة التي ذهبت قبل الحدث الكبير نحو تأجيل الانتخابات إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية. السلطة لم تشارك الفصائل موقفها من اغتيال سليماني، والتنديد بأميركا، وجاء موقفها منسجما مع موقف المملكة والإمارات.

وفجر اليوم ضربت إيران قاعدتين أمريكيتين في العراق بصواريخ بالستية، قالت إيران إنها عشرات، وقالت مصادر أخرى إنها (١٣) صاروخا. وقالت إيران إنها أوقعت (٨٠) إصابة في الجنود، وقالت مصادر أميركية إنه لا إصابات بين الجنود.

ويبدو أنه فعلًا لا إصابات، فقد قيل إن إيران أبلغت الحكومة العراقية بعزمها ضرب القاعدة، وقامت الحكومة العراقية بإبلاغ الأمريكان الذين أخلوا القاعدة من الجنود. وبهذا يكون الانتقام الإيراني من مستوى منخفض، يهدف إلى حفظ ماء الوجه، ويظهر إيران كدولة جسورة تتحدى الإدارة الأميركية، وتظهرها كأول دولة في الشرق الأوسط تبادر بالهجوم على قاعدة أميركية، ولأن الانتقام كان بمستوى منخفض فإن الإدارة الأميركية لن تذهب إلى الردّ عليه.

بينما نحن في فلسطين نغرق في تداعيات اغتيال سليماني، وقيمة الرد الإيراني ودلالاته، ومغزى زيارة هنية لإيران للعزاء، نكاد ننسى فلسطين، حيث ذهب (بينيت) في هذه الأجواء إلى الإعلان عن ضم منطقة (ج) من الضفة الغربية إلى (إسرائيل)، وذهب فريدمان السفير الأميركي في (إسرائيل) إلى اعتبار الضفة أرضًا إسرائيلية محررة من السيطرة الأردنية التي دامت ١٩ عاما، وأن أميركا التي اعترفت بالمستوطنات، جديرة. أن تعترف بضم الضفة (لإسرائيل) رغم تعقيدات وجود سكان عرب فيها.

ويقول: أميركا اعترفت بالقدس عاصمة (لإسرائيل)، واعترفت بضم (إسرائيل) للجولان، وعليها الآن أن تعترف بضم الضفة الغربية، وبهذا تكون أميركا قد تمكنت مع (إسرائيل) حل المشاكل التي ترتبت عن حرب الأيام الستة في ١٩٦٧م.

على القيادات الفلسطينية أن تعود سريعا إلى الحدث الداخلي، وتعطيه الأهمية الأولى، والمرتبة الأعلى من الاهتمام والإعلام، ولا نترك ساحتنا الداخلية لحسابات خارجية، الحديث فيها نوع من الجدل، أو من الأمنيات. علينا أن نجذب الدول نحو التغول الصهيوني، وأن نشغل ساحتنا الداخلية بمواجهة تغولات (إسرائيل)، حيث لا نزاع بين السياسة والفقه في هذه المسألة.