عدَّ مختصان حقوقيان، عزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي التعامل مع المتسللين من قطاع غزة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 بحثًا عن لقمة عيشهم، كـ"مقاتلين غير شرعيين"، جريمة مركبة بحق أهالي قطاع غزة وانتهاك للقانون الدولي الإنساني.
وأكد المختصان في تصريحات لـ"فلسطين أون لاين"، أن تلك الخطوة الإسرائيلية تأتي ضمن القرارات التعسفية بحق الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة منذ 13 سنة، مشيرين إلى أن من يتسلل إلى الداخل المحتل هم شبان يعانون حياة قاسية وأفقًا غير معلوم بفعل الحصار.
وأبلغ وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت، مؤخرًا، الجيش بـ"عزمه التعامل مع الفلسطينيين الذين يتسللون من قطاع غزة إلى (إسرائيل) كـ"مقاتلين غير شرعيين"، واستخدامهم كأوراق مساومة في مفاوضات مستقبلية لتبادل الأسرى"، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس.
وقالت الصحيفة إنه في حال استجابت المؤسسة الأمنية، لطلب الوزير بينيت، فإنه سيتم التعامل مع المتسللين مثل الأسرى الإداريين الذين يقبعون في سجون الاحتلال لفترات غير محددة، دون توجيه لوائح اتهام ضدهم.
واستدركت: "ولكن فيما يتعلق بالمتسللين من غزة، فإنه سيبقون في السجون إلى أجل غير مسمى".
"بحثًا عن لقمة عيش"
وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد، المحامي صلاح عبد العاطي، إن الاحتلال ما زال يفرض على قطاع غزة عقوبات جماعية وحصار خانق، ويتخذ بحق سكانه قرارات تعسفية، تحول دون الوصول إلى حياة كريمة.
وأوضح عبد العاطي لـ"فلسطين أون لاين"، أن استمرار جرائم الاحتلال والعقوبات الجماعية على قطاع غزة وعدم رفع الحصار، أدى إلى بحث أهالي القطاع عن لقمة عيش كريمة في الداخل المحتل وخارج القطاع.
وأشار إلى أن قطاع غزة "لا يزال تحت وهو من يتحمل المسؤولية الكاملة عن حياة سكانه في توفير العيش الكريم لهم"، معتبرًا أن القرار الإسرائيلي "انتهاك لحقوق الإنسان".
وقال الحقوقي الفلسطيني: "إن عمليات اعتقال المدنيين ومساومتهم ووصفهم بمقاتلين غير شرعيين انتهاك لحقوقهم وانتهاك للاتفاقيات الدولية وأحكام اتفاقيات جنيف الرابعة التي تؤكد حماية المدنيين وإخضاعهم لمحاكمات عادلة".
وشدد عبد العاطي على أن الاحتلال يفرض سياسة "الموت البطيء" على قطاع غزة، باستمرار الحصار الخانق له، وتدمير الحياة بكل أشكاله.
"جريمة مركبة"
من جهته، رأى المختص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، أن وزير جيش الاحتلال يحاول تقديم رؤية إلى الرأي العام العالمي وخدلعهم بأنه "كان يطبق الاتفاقيات الدولية بحق المعتقلين الفلسطينيين والمتسللين إلى الداخل المحتل".
وأوضح فروانة لـ"فلسطين أون لاين" أن الاحتلال في الحقيقة لا يلتزم بأي اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية المتعلقة بحقوق الأسرى والتعامل معهم، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال وضباط مخابراته يمارسون التعذيب والانتهاكات المختلفة بحق الأسرى.
وبين أن بينيت يسعى لـ"إسقاط الحقوق المشروعة للمعتقلين المتسللين" إلى الداخل المحتل بسبب الظروف المعيشية الصعبة لأهالي قطاع غزة، مؤكدًا أن تصريحات بينيت وقادة الاحتلال تحمل "مغالطات وتشويه للحقائق وخداع للرأي العام العالمي".
وذكر فروانة أنه خلال عام 2019 وصلت عدد حالات الاعتقال من قطاع غزة إلى 134 حالة، منهم 84 مواطناً بعد اجتيازهم للحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، و13 حالة اعتقال كانت عبر حاجز "بيت حانون- إيرز"، و37 مواطنا اعتقلوا في عرض البحر وهم من العاملين في مهنة الصيد.
وأضاف: "عزم الاحتلال استخدام المعتقلين المتسللين كورقة مساومة مع المقاومة الفلسطينية هي جريمة مركبة بحق مدنيين عزل، وهو تحدي صارخ للقانون الدولي وفاضح للاحتلال"، مشيرًا إلى أن الاحتلال استخدم جثامين شهداء مسيرات العودة وآخرين من غزة كورقة مساومة للمقاومة.
ودعا فروانة المجتمع الدولي إلى ضرورة حماية المتسللين إلى الداخل المحتل بغض النظر عن دوافع تسللهم، والانتصار لحقوقهم الانسانية وحمايتها، مؤكدًا أن محاولات الاحتلال ستفشل ولن تنجح (إسرائيل) في إخضاع حماس والمقاومة في قطاع غزة لأوامرها بتسليم الأسرى الإسرائيليين دون مقابل.
ولم يتضح ما إذا كانت حكومة الاحتلال ستقبل بتوجه بينيت هذا. ولكن "هارتس" أشارت إلى أن "المسؤولين في المؤسسة الأمنية، صُدموا من مطلب بينيت، بحجة أنه ستكون له عواقب كبيرة ليس فقط من ناحية القانون الدولي".
وأضافت: "قال المسؤولون في المؤسسة الأمنية إن معظم الغزيين يأتون الى (إسرائيل) بسبب الضائقة الاقتصادية، رغبة في البحث عن فرص عمل".
وأشارت في هذا الصدد إلى أن المسؤولين في وزارة جيش الاحتلال، رفضوا التعليق على أقوال بينيت.