الولادة هي أعظم تجربة تمر بها الأم واللحظة التي لن تنساها هي لحظة خروج جنينها للحياة، لكنها هي الأكثر ألمًا إذا حدثت طبيعيًّا دون تدخل جراحي أو إعطاء أدوية مسكنة تخفف آلام المخاض أو ابيديورال (إبرة الظهر).
لذلك يسعى العلماء دائمًا لإيجاد طرق تخفف آلام الولادة تكون أقل ضررًا على الأم نفسها وعلى جنينها.
من هذه الطرق المتبعة حديثًا هي الولادة تحت الماء. وهي ولادة طبيعية يحدث فيها المخاض في حوض ماء دافئ درجة حرارته مثل درجة حرارة الجسم 37.5 درجة مئوية حتى لا تتغير درجة الحرارة التي يكون فيها الجنين في رحم أمه عندما يخرج إلى الماء.
وقد طرحها العلماء كبديل عن الولادة القيصرية وعن إبرة الظهر لما فيهما من مخاطر وأعراض جانبية تؤثر على الأم وتعرض الجنين للخطر.
ولأن الماء الدافئ يسبب الاسترخاء ووجود الأم داخل حوض الماء يسبب إفراز بعض الهرمونات التي تقلل التوتر والقلق وهرمون الاندورفين الذي يقلل الألم كذلك هرمون الاكسيتوسين الذي ينظم انقباضات الرحم وكذلك الماء الدافئ يقلل خطر تمزق العجان ويقلل من طول فترة المرحلة الأولى من الولادة والحد من آلام المخاض، إلا أن الأمهات اللاتي يخضعن للولادة تحت الماء ينقسمن إلى قسمين، فمنهن من تفضل أن تقضي المرحلة الأولى من المخاض في حوض الماء فقط ثم تنتقل خارج الحوض عند مرحلة خروج الجنين، والقسم الثاني من الأمهات تفضل أن تبقى في الحوض طوال فترة الولادة حتى خروج الجنين للحياة.
ولا يوجد أي دراسات تذكر أي مخاطر أو أعراض جانبية للغمر في الماء الدافئ خلال المرحلة الأولى من الولادة، كذلك أفادت الدراسات أن حرز أبغار (وسيلة بسيطة لتقييم حالة الوليد الصحية فور ولادته) للمواليد في الولادة تحت الماء مماثلًا لأقرانهم الذين يولدون طبيعيًا دونها.
وغذا قررت الأم الخضوع للولادة تحت الماء يكون الوقت مناسبًا لدخول الحوض عند وصول اتساع فتحة عنق الرحم إلى 5 سنتيمتر حيث إن الدخول إلى الحوض قبل ذلك قد يؤخر من عملية الولادة نظرًا لحالة لاسترخاء التي يسببها الماء الدافئ.
هناك حالات يجب ألا تخضع لهذه الطريقة في الولادة:
- إذا كانت الأم تعاني أمراضًا جلدية، فهي تنتشر أسرع وأسهل في الماء.
- إذا كان الجنين لم يتخذ الوضعية الصحيحة للولادة (لم يقلب رأسه للأسفل ليسهل خروجه بأمان).
- إذا كانت الأم حامل في أكثر من طفل (يمكن إجراء الولادة تحت الماء لكن يجب إشراف كامل ودقيق من طبيب مختص).
- الولادة المبكرة.
- حالات تسمم الحمل.
- إذا كانت الأم معرضة لحدوث نزيف في أثناء الولادة إما بسبب مرض معين أو بسبب تعاطي أدوية قد تعرضها للنزيف مثل مميعات الدم.
متى تخرج الأم من الحوض؟
- إذا حدث نزيف في أثناء الولادة.
- إذا حدث إغماء للأم.
- في حالة ارتفاع ضغط دم الأم (لذلك يجب أخذ قياس ضغط الدم كل عشر إلى خمس عشرة دقيقة).
- إذا فاق الألم قدرة الأم على الاحتمال واحتاجت إلى مسكن ألم أو ابيديورال (إبرة الظهر).
أما السؤال الذي يؤرق كل أم تريد أن تخضع لهذه التجربة هو كيف سيتنفس طفلي في الماء؟
خروج الطفل من رحم أمه إلى الماء لن يغير من البيئة التي كان فيها ولن يتنفس إلى عندما يشعر بالهواء وسيبقى في الثواني الأولى يتنفس من الحبل السري الذي يربطه بأمه كمان كان في رحمها، وعندما يرفعه الطبيب تدريجيًا من الماء سيشعر بالهواء وتغيير درجة الحرارة فيأخذ نفسه الأول فور خروجه من الماء، ولا خوف أبدًا من ذلك. ويكون الوليد أكثر هدوءًا وقد لا يبكي نظرًا لتأثير الماء عليه.
ومن الجدير بالذكر أنه لا يمكن أبدًا إعطاء المسكنات في أثناء الولادة تحت الماء لأنها قد تسبب النعاس للأم وبالتالي لن تتمكن من الولادة الطبيعية بأمان وسلامة، ويكتفي الطبيب بتأثير الماء الدافئ في تقليل الألم.
وينصح بهذه التقنية في الولادة لما لوحظ من إقبال كبير على الولادة القيصرية لتجنب الألم خاصة في دولنا العربية.
وتقنية الولادة تحت الماء ما زالت غير منتشرة في البلدان العربية على الرغم من انتشارها الواسع في أوروبا.
وقد أصدرت الكلية الملكية البريطانية لأطباء التوليد وأمراض النساء والقابلات بيانًا يدعم الولادة تحت الماء للنساء اللاتي يتمتعن بحمل صحي بعيد عن الأمراض وحالات الخطورة.