فلسطين أون لاين

العلاج بالنحل.. "ملاذ" لمرضى التوحد في غزة

...
غزة/ صفاء عاشور:

بعد أن فقد أطفال مصابون بالتوحد وذووهم الأمل في الحصول على علاج يشفيهم من هذا المرض، تمكن عدد منهم من العلاج بالنحل، الذي وجدوا فيه ملاذا.

الطفل سيف ووالده كانا حاضرين في إحدى جلسات العلاج بقرصات النحل، وكان سيف لا يتوقف عن التنقل والجري بين غرف المكان واللعب بمقتنياته، دون أن يشعر أي أحد بالغضب.

ذلك أن الجميع يعرفون سيف الذي أتى إليهم وهو لا يستطيع الوقوف على قدميه ولا التفوّه بأي كلمه تسعد آذان والديه وأقاربه بها، ولكنه الآن يسير ويجري ويحاول التلفظ ببعض الكلمات ليُسهل عليه التواصل مع المحيطين به.

يقول والده لصحيفة "فلسطين":" ولد سيف وكان كل شيء طبيعيا، ولكن مع بلوغه العام الأول لم يكن يتحرك مطلقاً ولا يصدر أي صوت، وعند الذهاب إلى الأطباء شخّصوا حالته بطيف التوحد ووصفوا له بعض المقويات مع التأكيد لي أن هذا المرض لا علاج له".

ويضيف: "لم أقتنع بكلام الأطباء، وسافرت إلى مصر، وبقيت هناك لمدة سنة ونصف، وذهبت بسيف لأحد المراكز المختصة بهذا المرض إلا أنه لم يطرأ أي تحسن يذكر على الطفل خلال هذه الفترة".

ويشير إلى أنه بعد عودته إلى قطاع غزة كان قد فقد الأمل في علاج ابنه حتى جاء اليوم الذي تحدثت معه زوجته عن العلاج بلسعات النحل، لكنه رفض الذهاب في بداية الأمر، إلا أن إصرار والدة سيف دفعه لخوض التجربة كأمل أخير أمامهم.

ويوضح والد سيف أنه بدأ معه العلاج بلسعات النحل منذ سنة وثمانية أشهر، وتمكن خلالها من ملاحظة الكثير من التغيرات الإيجابية عليه من خلال تمكنه من الوقوف، ثم المشي والركض كباقي الأطفال دون أي مشاكل.

ويضيف أن الانتباه والتعرف على الأغراض والتواصل الاجتماعي مع الآخرين أصبح أمرا سهلا له، لافتاً إلى أنه مستمر في العلاج معه حتى يصبح قادراً على الكلام بشكل طبيعي دون أي مشاكل.

ويؤكد والد الطفل سيف أنه من خلال معايشته لحالة ابنه لاحظ تحسنه من المرض بنسبة تتراوح من 60-70% وهو أمر لم يكن يحلم به بتاتاً.

أما والدة الطفل أنس فهي لا تزال في بداية الطريق لعلاج طفلها من مرض التوحد، حيث تقول:" لاحظت على طفلي بعض التصرفات الغريبة تصدر عنه بعمر السنة ونصف السنة عندما كان لا يتوقف عن الدوران حول نفسه، وقلب عينيه لأعلى، ولم تكن لديه رغبة في اللعب مع إخوته، وكان يحب العزلة ولا يتحدث أو ينطق بأي كلمات".

وتضيف لصحيفة "فلسطين": "ذهبت به لأطباء نفسيين وكلهم شخصوا حالته بأن لديه طيف توحد ووقتها ذهبت لجمعية مختصة لتأهيل مثل هذه الحالات وبالفعل لمست بعض التغيير"، مستدركة:" ولكن التغيير الأكبر كان بعد أن بدأ جلسات العلاج بلسعات النحل".

وتردف والدة أنس:" بعد أربعة أشهر من العلاج انقطعت حركة ابني الكثيرة، وأصبح قادراً على التعامل مع المحيطين به دون عنف، كما زادت نسبة الإدراك والاستجابة مع المحيطين به"، مشيرة إلى أنها بدأت معه مرحلة تعلم الكلام ليصبح قادراً بعدها على الحديث مع من حوله بكل سهولة.

شفاء ملحوظ

من جهته يقول خبير علاج النحل م. راتب سمور يوضح أن هناك مجالا واسعا للعلاج بالنحل من كثير من الأمراض التي لم يتمكن الطب الحديث من علاجها، ولكن الجديد في هذا المجال هو علاج مرض التوحد.

ويقول لصحيفة فلسطين" :"في 2010 كان أحد الآباء قد لجأ إلى علاج طفله المصاب بالتوحد بلسعات النحل على مسؤوليته الشخصية، وسجل كل ملاحظاته على ابنه، ومنذ أول 10 أيام بدأ يلاحظ التحسن على طفله من خلال التوقف عن كثير من الحركات الخاصة بمرضى التوحد، وهو ما كان سابقة تفاجأ بها كل من عرف بقصة هذا الطفل.

ويضيف إن:" سماع الناس عن شفاء هذه الحالة دفع الناس إلى القدوم إلى المركز من أجل معالجة أبنائهم من هذا المرض، حتى وصل عدد الحالات التي تم ويتم علاجها أكثر من 300 حالة  بدءاً من سنة 2010 وحتى 2019.

ويختم سمور، الذي يعمل في مجال العلاج بالنحل منذ نحو أربعة عقود، إلى أن الأعراض تتفاوت بين مرضى التوحد، وبناء على ذلك تختلف نسب الشفاء من هذا المرض، مستدركاً بأن النتائج التي توصل إليها علاج مصابين بالتوحد من خلال العلاج بالنحل، تعد مبهرة بالنسبة لذوي المرضى ولكل من سمع عنها في قطاع غزة وخارجه.