فلسطين أون لاين

تقرير باسل الأعرج.. "قاتل كالبرغوث" فحاكمته السلطة واغتاله الاحتلال

...
رام الله-غزة/ طلال النبيه:

"يملك البرغوث إستراتيجية قتالية وتكتيكًا وتقنيات مذهلة؛ فهو يخز ويقفز ثم يعاود الوخز، ويتجنب بذكاء شديد اليد أو القدم الساعية إلى سحقه"، تلك كلمات سطرت بدماء ذكية، غرد بها المثقف المشتبك، الأسير العنيد والمقاوم الشهيد باسل الأعرج.

تلك الكلمات دفع ضريبتها الأعرج (31 عامًا) روحه التي حملها على كفه، وطبقها في أرض الميدان، ونطق بها من وحي التجربة النضالية، ساعيًا إلى نشر ثقافة الاشتباك ومواجهة الاحتلال بالقلم والسلاح.

بتلك الأفكار النيرة، طمح الشاب المثقف إلى وقف تغول المستوطنين على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتوثيق أهم مراحل الثورة الفلسطينية شفويًّا منذ ثلاثينيات القرن الماضي ضد الاحتلال البريطاني، وصولًا إلى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

وأثمر ذلك جيلًا مثقفًا وواعيًا أهمية الاشتباك مع الاحتلال بالعلم والسلاح، مع أن الأعرج لاحقه "الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه من أبطال التنسيق الأمني"؛ كما يقول مراقبون.

واختفى الشهيد الأعرج قسرًا أشهرًا إذ اختطفته أجهزة أمن السلطة في الضفة مع خمسة معتقلين سياسيين سنة 2016م، على ما عدتها السلطة "تهمة" التخطيط لعمليات مسلحة ضد (إسرائيل)، وبعد إطلاق سراحه بدأ الاحتلال مطاردته؛ ضمن ما تعرف بسياسة الباب الدوار.

ومع اتجاه عقارب الساعة نحو الواحدة والنصف من فجر السادس من آذار (مارس) 2017م، دهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي شقة تحصن بداخلها في مخيم قدورة في رام الله المحتلة، انتهت بارتقاء روحه بعد ساعتين من الاشتباك المسلح.

ويقول والد الشهيد المناضل باسل الأعرج: "إن السلطة في رام الله وأجهزتها الأمنية لا تخدم المناضلين الفلسطينيين بشيء"، متهمًا جهاز مخابرات السلطة بالمساهمة في عمليات اغتيالهم.

ويتساءل الأعرج في حديث إلى صحيفة "فلسطين": "لماذا حتى اللحظة لم تكشف السلطة (في رام الله) وأجهزتها الأمنية عن كل من ساهم في اغتيال الشهداء والمقاومين: أحمد نصر جرار، وعمر أبو ليلى، وأشرف نعالوة، وابني باسل الأعرج، حتى من قتل أبا عمار (الرئيس الراحل ياسر عرفات) وغيره من القادة؟!".

"لا فائدة لـلسلطة"

ويضيف: "السلطة (في رام الله) وأجهزتها الأمنية لا تنفع الفلسطينيين بشيء، وهي أسست لتكون عليهم لا لهم، فإذا كانت منفعتها لشعبنا 1% فإن ضررها هو 99%".

ويتابع: "جهاز مخابرات السلطة لفق فيديو لأحد مناضلي الجبهة الشعبية، يتهمه فيه بالإدلاء بمعلومات أدت إلى اغتيال صديقه باسل".

ويشير والد الشهيد الأعرج إلى أن جهاز المخابرات التابع للسلطة هدف من الفيديو إلى ضرب عائلته (الأعرج) بعائلة صديق ابنه باسل، وهو "مناضل شريف" ينتمي إلى الجبهة الشعبية.

ويذكر أن أجهزة أمن السلطة اعتقلت ابنه باسل "وعذبته تعذيبًا شديدًا، ودعسوا على قلبه مرتين حتى اقترب الموت منه كثيرًا"، موجهًا التحية لغزة بالقول: "هنيئًا لأهل غزة الذين لا يضيع عندهم حق، وتنكشف لهم أي جريمة ضد المقاومة الفلسطينية وقادتها".

وبعد استشهاد الأعرج، واصلت السلطة في رام الله محاكمة الشهيد ورفاقه على تهمة "حيازة سلاح ناري دون ترخيص"، ووصفت الجبهة الشعبية تلك الإجراءات بـ"وصمة عار على جبين السلطة، وكل من يمارس التنسيق الأمني مع الاحتلال".

وقالت في بيان صحفي في حينذاك: "لم تتّعظ السلطة وأجهزتها الأمنية من اعتقالها الشهيد ورفاقه، وممارسة مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي بحقهم، في محاولة لإجبارهم على الاعتراف خدمةً للتنسيق الأمني البغيض".

"شكرًا لغزة ومقاومتها"

ويشيد والد الأعرج بدور المقاومة في قطاع غزة بالكشف عن أي جريمة يرتكبها الاحتلال وأعوانه بحق أفرادها وقادتها، وآخرهم الشهيد بهاء أبو العطا.

ويقول: "ما يؤلمني كثيرًا هو أن ابن جلدتي ووطني في الضفة الغربية يتآمر على شعبه ويعذب أبناءه المناضلين والشرفاء (...) كما أن الاحتلال الإسرائيلي اغتال ابني باسل في وسط وعقر مدينة رام الله!".

ويشدد على أنه "لا يريد شيئًا من أجهزة أمن السلطة"، قائلًا: "لقاؤنا في الآخرة برفقة عائلتي، وحسابنا عند الله بأخذ رقبة من ساهم في قتل ابني من الأمن الوقائي ومخابرات السلطة".

وتتمسك السلطة في رام الله بالتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم قرارات المجلس المركزي المتعددة بوقفه، وسبق أن وصف رئيس السلطة محمود عباس التنسيق الأمني بأنه "مقدس"؛ رغم إقراره بفشل حدوث أي تقدم لمصلحة الفلسطينيين منذ اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير مع (إسرائيل) سنة 1993م.