ماذا تريد (أميركا وإسرائيل) من عملية اغتيال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، والعروة التي تصل حزب الله، والفصائل الفلسطينية المقاومة؟! هل تريد أميركا شخص سليماني وذاته، أم تريد سياسته، ومن خلف سياسته تأجيج الصراع الساخن مع إيران؟! وإذا نظرت إلى التوقيت والظرف، سألت: هل يريد ترامب من عملية الاغتيال تعزيز موقفه الانتخابي القادم، وصرف الأنظار عن التهم الموجهة إليه، أم أنه خضع لمتطلبات الساعة والظرف، ولم يكن التوقيت مستهدفا، وإنما كان الهدف هو المستهدف؟!
مما لا شك فيه بحسب المعطيات المتاحة أن عملية الاغتيال لم تكن بنت اللحظة والساعة، وأنها كانت خطة معدة، واستغرق الإعداد لها وقتا طويلا، وأن فترة طويلة مرت على جمع المعلومات، ومراقبة التحركات، حتى كان الظفر بالرجل ممكنا بنسبة كبيرة فتم التنفيذ. ولا يمكن النظر إلى عملية الاغتيال على أنها ردة فعل أميركية متعجلة على اقتحام رجال الحشد الشعبي للسفارة الأميركية.
الاغتيال كان لسليماني ومن معه، ومن كانوا معه فريق من القيادة العليا للحشد الشعبي، حزب الله العراقي، وهي الجهة العراقية الأقرب لإيران، والتي تأتمر بأمر سليماني، ومن ثمة يمكن القول إن عملية اغتيال سليماني هي تحد بالدرجة الأولى لإيران، وبالدرجة الثانية للحشد العراقي، والجماعات الأخرى.
في أميركا وتل أبيب يمكن أن يعتبروا نجاح العملية نصرا لهما، ولكن الاغتيال عادة لا يحمل تباشير نصر مؤكد، بل قد يأتي بقيادة شابة أكثر قوة وحزما، وربما يدفع المعتدي ثمنا أكبر.
ففي إيران يتحدثون عن عملية انتقام كبيرة قادمة لا محالة، و من ثمة طلبت أميركا من رعاياها الخروج من العراق، وعاد نتنياهو من اليونان إلى تل أبيب خشية حدوث تطورات سريعة.
لم تكن تل أبيب والموساد خارج عملية الاغتيال، بل كانوا في مركزها، وهذا ما تقوله إيران، وما يقوله جل الخبراء، لذا من المرجح أن تكون التداعيات قريبة منا نحن الفلسطينيين، لذا يجب الحذر، والمتابعة الجيدة، وإذا ما تواصل الفعل ورد الفعل فإن السنة الجيدة التي بدأت بأضخم عملية اغتيال قد تأخذ المنطقة إلى حرب واسعة النطاق؟!
اغتيال سليماني بداية شرسة معروفة، ولكن النهاية غير معروفة، وهكذا تكون البداية إذا أشعلنا نار مائدة في غابة تملؤها أشجار نصف جافة, دون حذرٍ يمنع الانتشار.