فلسطين أون لاين

أزمة يعاني منها نحو 5 – 6 آلاف طالب

تقرير في قاعة الامتحانات بجامعة "الأزهر".. الدخول ممنوع إلا بدفع الرسوم كاملة

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

ما إن وصل خالد أحمد وهو طالب بالمستوى الثالث بكلية الهندسة بجامعة الأزهر، قاعة الامتحان بعد أسبوع متواصل من الدراسة والاستعداد لامتحان مادة "أنظمة التشغيل"، حتى فوجئ بعدد من أفراد أمن الجامعة يحملون كشوفات ورقية، ويفحصون أسماء الطلبة الذين لم يقوموا بتسديد الرسوم الدراسية ويطلبون منهم مغادرة قاعة الامتحان.

عدد قليل من الطلبة لا يزيد عددهم عن 15 طالباً من سمح لهم بدخول القاعة، وظل خالد مع عشرات الطلبة في الخارج محرومين من أداء الامتحان، ويحاولون إقناع أمن الجامعة والأكاديميين بالدخول.

وأمام رفض الأمن، واتباع أسلوب تخويف الطلبة وتهديدهم، عاد خالد الذي طلب في حديثه لصحيفة "فلسطين" عدم الكشف عن اسمه، إلى بيته حزينا على تعامل الجامعة معهم بشكل لم يكن يتوقعه أو حتى يتخيله، عاد محملا بكل المعلومات التي سهر على حفظها وفهمها، لقد حالت الرسوم دون أن يمتحن في مادة "أنظمة التشغيل".

جدول معدل

بحسرة على واقع الحال يقول خالد: "بالأمس قامت الجامعة بتعديل جدول الامتحانات، فتفاجأت أن مادة أنظمة التشغيل محذوفة من الجدول، وهذا يعني أنها سحبت، وأنني يجب علي إعادتها، وإذا بقيت الجامعة مصرة على دفع الرسوم كاملة سيكون مصير كل المواد مثلها".

يدفع خالد 28 دينارا للساعة الدراسية، وكونه سجل 19 ساعة مطلوب منه دفع 700 دينار، قام بتسديد منها ثمن تسع ساعات بداية الفصل تعادل نحو 340 دينارًا، فيما تمنعه ظروفه المادية من دفع المبلغ المتبقي، فوالده يعمل في ورشة للكهرباء تعيش شللا اقتصاديا كحال القطاع المحاصر.

ويقول خالد: "من أول سنة دراسية، والجامعة على نفس النظام. كانوا في السابق يطلبون أن ندفع تسع ساعات حتى نقدم الامتحان، اليوم يريدون المبلغ كاملا (..) الجامعة لم تراع ظروفنا".

ويتهكم خالد بلهجة عامية: "فش اشي محفزنا، رحت أقدم مادة إلي سبعة أيام بدرسلها، ولكن طردونا!؟" ولا يجد إجابة لسؤاله, لأن الأمور في الجامعة غير واضحة، ويخشى الطلبة أن تستمر بتجاهل معاناتهم  والإصرار على دفعهم الرسوم كاملة.

تتلخص أزمة جامعة الأزهر الحالية في أن الجامعة طلبت من نحو 6200 طالب وطالبة دفع رسوم الفصل الدراسية كاملة أو 80% منها علما أن معظم هؤلاء الطلاب إما قد سددوا ثمن ثلاثة أو ست أو تسع ساعات وبعضهم لم يسدد رسوم أي ساعة، لكن الطلبة يقولون إنهم اعتادوا كل سنة أن تسمح إدارة الجامعة لمن دفع ثمن تلك الساعات بدخول قاعة الامتحان.

التعليم حق مكفول

محمد إبراهيم, يدرس بالمستوى الثالث بأنظمة الحاسوب، يستغرب سبب منعه من تقديم الامتحانات، وقال لصحيفة "فلسطين": "التعليم حق كفله القانون لنا، فما هو ذنبي أن أحرم من هذا الحق بسبب الأوضاع والظروف الاقتصادية الصعبة التي تخيم على كل مفاصل الحياة".

لكن ما حصل معه كان مختلفا عن سابقه، إذ يقول: "في بداية الفصل وصلتني رسالة هاتفية بأن علي مراجعة شؤون الطلبة لوجود منحة من الجامعة كي أستطيع التسجيل، بأن أدفع رسوم ثلاث ساعات والجامعة تعطيني منحة لثلاث ساعات، لكنها تراجعت بعد ذلك، والآن يجب أن أدفع مبلغ 513 دينارا ثمن رسوم دراسية عن 17 ساعة كي لا أحرم من الفصل الدراسي بالكامل".

تخرج معطل

منذ ست سنوات تنتظر طالبة اللغة الانجليزية دانيا يوسف، الصعود على منصات التخرج، وارتداء ثوب تخرجها، لكن حلم الطالبة التي وصلت إلى المستوى الرابع ينهار أمامها بسبب الرسوم الدراسية.

تقول دانيا لصحيفة "فلسطين": "لم يتبق لدي سوى مواد قليلة؛ ومفترض أن أكون خريجة منذ عامين، لكن اضطررت للانقطاع خلال فصلين بسبب عدم مقدرتي المادية على دفع الرسوم الجامعية".

ذهبت هذه الطالبة للجامعة لتسجيل الفصل الحالي ودفع رسومه، لكنها تفاجأت بأن الجامعة طلبت منها دفع بدل رسوم انقطاع 100 دينار، ورسوم الفصل الدراسي الحالي كاملة، وفي آخر فصل لها يجب عليها تسديد ما عليها من رسوم، تردف: "لم أستطع سداد أي شيء، لأننا نعتمد على الشؤون الاجتماعية ووالدي متعطل عن العمل".

ترثي هذه الطالبة حالها وتقول: "يفترض أن ترأف الجامعة بنا، فالأوضاع صعبة على الجميع".

وبحسب عدة إحصائيات، فإن حوالي 35% من طلاب جامعات قطاع غزة، أجلوا دراستهم الجامعية العام 2019، لعدم قدرتهم على دفع الرسوم، ولا تزال الجامعات بقطاع غزة، تمارس سياسة احتجاز شهادات آلاف الخريجين، على خلفية عدم قدرتهم على سداد الرسوم المتراكمة عليهم.

أزمة مستعصية

عز الدين علي مسؤول سكرتارية الأطر الطلابية في قطاع غزة، يقول إن جامعة الأزهر ألغت الحد الأدنى من الرسوم الدراسية كما الحال في الفصول السابقة بست أو تسع ساعات، إلا  أنها طلبت من الطلبة دفع الرسوم كاملة، وبعد عدة جلسات مع الأطر الطلابية تنازلت حتى مبلغ 80% من إجمالي الرسوم".

وبين علي لصحيفة "فلسطين" أن الأزمة يعاني منها نحو 6200 طالب، وأن لدى الجامعة مشكلة في حصر الطلبة المسجلين لديها، لافتا إلى أن الجامعة وبعد الاعتصامات الطلابية أجلت الامتحانات إلى الخامس من يناير/ كانون ثاني القادم، حتى يتم إيجاد حل.

وأعرب عن عدم تفاؤله بحل الأزمة التي من المتوقع أن تستمر بسبب إصرار الجامعة على موقفها، محذرا الجامعة من أن الأطر الطلابية جهزت خطوات تصعيدية في حال أصرت الجامعة على منع الطلبة.

من جانبه، يقول إبراهيم غندور منسق حراك الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الدراسية، إن العديد من الجامعات يذهب نحو الانهيار، بسبب عدة أمور منها وقف الدعم الحكومي الرسمي لها وهذا الأمر مرتبط بقرارات سياسية، والأمر الثاني الاعتماد على الطلبة نظرا لصعوبة الأوضاع الاقتصادية.

وأضاف الغندور لصحيفة "فلسطين" أنه ما بين الفترة والأخرى، تتخذ الجامعات قرارات رفع رسوم الساعة الدراسية، على الرغم من تردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى حوالي 70% بالقطاع، كما وتتخذ قرارات بطرد الطلبة غير المسددين للرسوم من قاعات الامتحان، بحجة الأزمة المالية وقلة وعدم انتظام المخصصات التي تقدمها الحكومات الفلسطينية لهذه الجامعات.