قبل أكثر من عقد من الزمان كانت حرب الفرقان، في 28 من ديسمبر 2008م، أول حرب تشنها( إسرائيل ) غدرا على غزة، وعلى مواقع حماس والحكومة فيها. كانت حرب الفرقان حربا قاسية، وشرسة، استشهد في الضربة الأولى منها قرابة 320 مواطنا وشرطيا فلسطينيا، ومئات الجرحى ، حيث قصفت غزة بحوالي 64 طائرة قاذفة مقاتلة طالت مائة موقع ومبنى.
القتل غيلة وغدرا أظهرته الشاشة بشكل حيّ وهم ينطقون بالشهادة، وما تزال صورة الشرطي وهو رافع السبابة ناطقا بكلمة التوحيد لا تفارق ذاكرتي وذاكرة غيري ممن شاهدوا المشهد حيا على شاشة الجزيرة، وشاشة الأقصى. هذه الصورة التي أعادت لنا صورة الغدر الموروث في بني إسرائيل، في اغتيال أنبيائهم، وفي محاولة اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه الحرب القاسية سقط فيها من الشهداء ما يزيد عن 1000 شهيد، وأضعاف ذلك من الجرحى، ومع ذلك فشل العدوان الغاشم في تحقيق أهدافه، فلا سقطت حماس، ولا رفعت غزة الرايات البيضاء، وسقط أولمرت، ودخل السجن، وازدادت المقاومة قوة، وقدرة، وحيلة.
نحن نعيش الآن في ظلال ذكرى هذه الحرب القاسية. نتذكر فصولها وأيامها، ونترحم على شهدائها، وندعو لجرحاها بالشفاء. وهل يمكن أن ننسى هذه الحرب الغادرة، التي تفرج عليها العالم، ولم تنفعل لها السلطة ولا قادة العرب للأسف؟!
نعم، لم يخضع العدو لمحكمة عادلة على المستوى الدولي، رغم الجرائم القاسية القبيحة التي ارتكبها العدو، والتي تضاهي في بشاعتها جرائم النازية. كان أولمرت في صورة هتلر في هذه الحرب، ولكن هتلر ورجاله وجدوا من يخضعهم للمحكمة، والعقاب، ولم يجد قادة (إسرائيل ) حتى اليوم من يعاقبهم على جرائمهم.
قبل أيام أعلنت محكمة الجنايات الدولية عن وجود أساس قانوني لمحاكة العدو الصهيوني على جرائمه ضد الفلسطينيين، ولكن أميركا وألمانيا ترفضان قرار المحكمة، وترفضان إخضاع قادة الاحتلال للمحاكمة، وكأن دولة اليهود الحديثة فوق القانون؟! هم أولياء يهود والصهيونية، وليسوا أولياء حق وقانون. هم يحسبون أن قوتهم دائمة، وأن دفاعهم عن الصهيونية اليهودية يمنحهم شرف البقاء في الحكم.
لا أحسب أن فلسطينيا ينسى أيام حرب 2008م، وينسى شهداءها، الذين أخذوا غيلة وغدرا، ولا أحسب أن رجال القسام ينسون هذه الحرب، وهذا التاريخ، وكيف ينسونه والعدو يهددهم، بغدره وجرائمه يوميا. المقاومة التي توحدت في حرب الفرقان، وحفرت أيامها في تاريخها بحروف من المجد والعزة، لن تغفل عن درس حرب الفرقان، التي فرقت بين تاريخ ماض وتاريخ قادم. لقد كانت تلك الأيام فرقانا حقيقيا بين حق وباطل، بين من ينفعل، وبين من يتفرج ، ويتربص بغزة الدوائر ؟! رحم الله الشهداء جميعا، وأذل الله الصهيونية وأخزاهم. والحمد لله رب العالمين