أكد وكيل وزارة الداخلية في قطاع غزة اللواء توفيق أبو نعيم أن الأجهزة الأمنية في غزة تعيش حالة صراع مستمرة مع الاحتلال ومخابراته، سواء على صعيد المعلومات الأمنية، أو على صعيد الأحداث التي يسعى لاختلاقها لخلخلة الحالة الأمنية.
وأشار اللواء أبو نعيم في حوار لموقع "الداخلية" عشية الذكرى الحادية عشر للعدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008 إلى أن الاحتلال لا تروقه حالة الهدوء والاستقرار للشعب الفلسطيني، مؤكداً أن الوزارة في حالة "استعداد وتأهب للتعامل أي عدوان إسرائيلي، أو أي حالة أمنية تطرأ على الساحة الداخلية أو الخارجية، فلسنا بمعزل عن أي حدث في محيطنا".
وتابع: "يسعى الاحتلال إلى استغلال الحاجات الإنسانية للمواطنين في غزة من العلاج والسفر والتعليم، وابتزازهم لتقديم معلومات أمنية، لذلك نعمل بشكل مستمر على معالجة أي اختراقات، وقد حققنا إنجازات ونجاحات في هذا الصدد، مع أن نسبة الحالات التي تقع في شرك الاحتلال ضئيلة".
ولفت إلى أنه تم خلال السنوات الماضية إطلاق عدد من الحملات التوعوية لمواجهة آفة التخابر مع الاحتلال، بشكل متوازٍ مع الجهد الأمني في الميدان، مطمئناً أبناء شعبنا بأن الوزارة ستبقى الصدر الرحب لاستيعاب أية حالات وقعت في شرك العمالة؛ من أجل وضعها على الطريق السليم.
وقال إن وزارته لديها خطط مرنة للتعامل مع أي مستجدات أمنية، من أجل حماية الجبهة الداخلية، وحفظ الأمن والاستقرار، لافتاً إلى أن قوة الحالة الأمنية هي مسؤولية الجميع.
وقال إن عدوان 2008 "شكّل علامة فارقة في تاريخ الوزارة، حيث حاول الاحتلال اجتثاث المنظومة الأمنية في غزة، إلا أن الوزارة بما تملكه من امتداد وتأييد شعبي استطاعت أن تستعيد قوتها وأداءها بشكل سريع".
وحول الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية التي يجري الترتيب لها أعلن اللواء أبو نعيم أن "وزارة على أتم الجاهزية والاستعداد لتأمين الانتخابات القادمة، وتهيئة الأجواء العامة"، آملاً أن يتم ذلك في أقرب وقت".
من جهىٍ أخرى، أوضح أبو نعيم أن الوزارة تولي تأمين الحدود الجنوبية مع مصر اهتماماً خاصاً؛ من أجل تعزيز السيطرة الأمنية ومنع أي حالات للتهريب أو التسلل.
وتابع بالقول: "نعاني من نقص في الإمكانات والمقدرات التي تمنحنا القدرة على السيطرة الكاملة على منطقة الحدود، إلا أننا نعمل بكل جهد لدينا، وقد حققنا نجاحات مهمة خلال العامين الماضيين، في بسط السيطرة الأمنية على منطقة الحدود"، مُعرباً عن أمله في زيادة التعاون من قبل الجانب المصري على صعيد الإمكانات، في هذا الشأن.
وتطرّق وكيل وزارة الداخلية إلى جريمة تفجير حاجزي الشرطة بمدينة غزة في أغسطس الماضي، حيث أكد أنها "جريمة مستغربة ومستهجنة وليس لها أي رصيد في مجتمعنا الفلسطيني، خصوصاً أننا نعاني الكثير من الآلام والجراح التي يتسبب بها الاحتلال".
وبيّن أن الوزارة استخلصت الدروس والعبر من هذه الجريمة، حيث "تم تشكيل عدد من اللجان لمعالجة آثارها على كل المستويات: الأمنية والفكرية، وعلى صعيد الدوافع التي انطلق منها منفذو هذا العمل الإجرامي، فهم يحملون فكراً منبوذاً".
وشدد اللواء أبو نعيم أن معالجة الانحراف الفكري ليست مسؤولية الأجهزة الأمنية فقط، وإنما مسؤولية مجتمعية تبدأ بالفرد والأسرة، وبمشاركة جميع فئات المجتمع، منوهاً إلى تعزيز الإجراءات الأمنية على صعيد الحواجز والنقاط الأمنية والمؤسسات والمقرات؛ من أجل تفادي تكرار مثل هذه الجريمة.
ونوّه اللواء أبو نعيم أن وزارة الداخلية كمؤسسة تحتاج إلى التطوير وإعادة الهيكلة، مُشيراً إلى أن الإجراءات التي تمت مؤخراً على صعيد إعادة هيكلة ودمج بعض الأجهزة والإدارات، والتغيير في قيادة الأجهزة الأمنية يأتي في هذا الصدد.
وقال: "إن عدداً من قيادات الوزارة غادروا أماكنهم وسلموا دفّة القيادة لجيل آخر من خلفهم، بعد أن أسهموا خلال السنوات الماضية بثقة واقتدار في بناء الوزارة وتأهيل كادرها".
ولفت إلى أنه سيتم قريباً استيعاب دفعة من الجنود المستجدين وعددهم ألف منتسب، حسبما تم الإعلان خلال الفترة الماضية وفق إجراءات مسابقة التوظيف، كاشفاً أنهم سيلتحقون بميدان العمل قريباً، بعد استكمال جميع الإجراءات الإدارية والقانونية بهذا الصدد.
واستدرك اللواء أبو نعيم أن الوزارة بحاجة إلى استيعاب مزيد من الكوادر البشرية، من أجل تغطية كافة المهام والمتطلبات الأمنية، كما أنها بحاجة إلى مزيد من الإمكانات والمقدرات.
وحول رؤية الوزارة وتوجهاتها خلال الفترة القادمة، أوضح "أبو نعيم" أنه: "تم إقرار خطط تطويرية للأجهزة والإدارات كافة، تحت عنوان تعزيز حالة الأمن والاستقرار، وتحسين أداء الوزارة وخدماتها، وتعزيز علاقتها بالمواطنين، إلى جانب الخطط الأمنية الأخرى التي تواكب التطورات والأحداث على الساحة".
وقال إن بنية المجتمع الفلسطيني وتكوينه يتطلبان الارتباط والتعاون الوثيق بين وزارة الداخلية وجميع مكونات وشرائح شعبنا، وعلى رأسها فصائل العمل الوطني كافة، "فنحن لدينا علاقات متميزة مع الجميع ونقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف بغض النظر عن الانتماء". مؤكداً أن الوزارة تسعى لتوفير الأجواء المناسبة للجميع من أجل التعبير عن الرأي، وتُقدم كل التسهيلات اللازمة لذلك.
وأشار إلى وجود علاقات متميزة مع الإخوة المسيحيين، وقال: "هم جزء منا، يشاركوننا همومنا ومصيرنا، ويدفعون الفاتورة التي ندفعها، ونحن ندافع عنهم بكل ما تحمله الكلمة من معنى". لافتاً إلى الزيارة التي تمت مؤخراً للكنائس الموجودة في غزة لتهنئتها بالأعياد المسيحية والعام الميلادي الجديد.
وفيما يتعلق بالنزلاء والموقوفين في مركز الإصلاح والتأهيل، قال اللواء أبو نعيم أن الوزارة ملتزمة بالقوانين والأنظمة، وبالبرامج التأهيلية والإصلاحية من أجل إعادة دمجهم في المجتمع وتحويلهم إلى مواطنين صالحين ومنتجين.
وأضاف: "النزلاء هم أبناؤنا بالرغم من ارتكابهم الجرائم أو الجُنح، إلا أنهم فئة هشة وقعوا في الجريمة، ونحن نوفر كل ما لدينا من إمكانات ومقدرات في برامج التأهيل، وبالتعاون مع جميع المؤسسات ذات العلاقة في هذا الإطار، وتُقدم دعماً في عدد من المجالات الاجتماعية والنفسية واللوجستية".
وبيّن أن مراكز التأهيل والإصلاح لدينا ليست عبارة عن سجون ومبانٍ فقط، بل تتضمن برامج توعوية وتثقيفية وإصلاحية، بالإضافة إلى بعض المهن والحرف التي يتعلمها النزلاء، ليخرجوا أفراداً منتجين بعد انتهاء فترة محكومياتهم.