أصدر وزراء الخارجية العرب بيانهم الختامي الذي تضمن 4666 كلمة، تناول خلالها تفاصيل الشأن الفلسطيني. بيان طويل وعريض سيمل المواطن العربي من قراءته، ولن يلتفت إليه الإسرائيليون من قريب أو بعيد، ولن يثير همة المجتمع الدولي لفعل شيء، فهذا بيان عربي فصيح تضمن 4666 كلمة عربية كان يمكن الاستعاضة عنها بجملة واحدة بليغة تقول للمحتلين: يطالب وزراء الخارجية العرب بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة فوراً.
ودون لفظة (فوراً) والتي يجب أن تستند إلى واقع عربي يثق بقدراته، ويمتلك قراره، فإن كل البيانات السياسية والأدبية لن تقدم للقضية الفلسطينية شيئاً، ولن تغير من الواقع القائم على مواصلة الاستيطان، وتعزيز أركان العدوان.
ومع ذلك، سأعيد قراءة بعض الفقرات الواردة في بيان وزراء الخارجية العرب:
1ـ بعد أن تضمن بيان وزراء الخارجية العرب 1725 كلمة عن القدس والمسجد الأقصى، دعا جميع المسلمين في كافة أنحاء العالم لزيارة القدس لكسر الحصار المفروض عليها.
فهل يجهل وزراء خارجية العرب أن زيارة القدس لا تتم إلا بعد الموافقة الإسرائيلية، وقد منعت (إسرائيل) الرئيس عباس نفسه من زيارة القدس، وتحظر (إسرائيل) على 2 مليون فلسطيني في غزة و3.5 ملايين في الضفة الغربية زيارة القدس!!! فكيف تدعون المسلمين والعرب لزيارة القدس التي يحرم الإسرائيليون أهلها من زيارتها؟ ألا تعني زيارة القدس في مثل هذه الحالة اعترافاً ضمنياً بالسيادة الإسرائيلية على القدس؟
2ـ طالب بيان الوزراء العرب بتطبيق قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الداعية إلى إعادة النظر في كل العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية الفلسطينية مع (إسرائيل).
ومن غريب الصدف أن يصدر بيان وزراء الخارجية العرب في الذكرى السنوية الثانية لصدور قرار المجلس المركزي الفلسطيني الذي انعقد في رام الله بتاريخ 4/3/2015، والذي دعا إلى وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
فلماذا لم يتوجه بيان الوزراء العرب إلى الرئيس محمود عباس مباشرة، ويطالبه بتطبيق قرار المجلس المركزي الفلسطيني، الذي لم يدع للاجتماع منذ عامين، رغم قرار المجلس في نفس الجلسة بضرورة انتظام دورة اجتماعاته مرة كل ثلاثة اشهر، على أن تتابع اللجنة التنفيذية تنفيذ هذه القرارات، وتقدم تقريرها للاجتماع القادم للمجلس المركزي؟ فلماذا لم يدع المجلس المركزي إلى الاجتماع منذ سنتين؟ لماذا يتهرب محمود عباس من تطبيق قرارات المجلس المركزي؟.
3ـ أكد الوزراء العرب احترام الشرعية الوطنية الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وتثمين جهوده في مجال المصالحة الوطنية الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وهل يجهل الوزراء العرب أن اللجنة التحضيرية التي عقدت اجتماعاتها في بيروت قد اتخذت القرار ذاته قبل عدة أشهر، وطالبت الرئيس محمود عباس بتشكيل حكومة وحدة وطنية. فلماذا لم يحض الوزراء العرب محمود عباس نفسه على تحقيق المصالحة الوطنية، لا أن يثمنوا دور الرئيس على عمل لم يقم به على مدار عشر سنوات، ولا نية له بأن يقوم به بعد عشر سنوات.
4ـ حث بيان وزراء الخارجية العرب كافة الفصائل الفلسطينية على الذهاب إلى انتخابات عامة وفق الاتفاقات المعقودة بينها.
فلماذا لم يدع البيان محمود عباس نفسه إلى إجراء الانتخابات العامة في موعد أقصاه ستة أشهر من تاريخه، ويعاقب بالتعزير والرجم كل فلسطيني يعارض الانتخابات، أو يعيق إجراءها.
5ـ في ذيل البيان طالب وزراء الخارجية العرب بفك الحصار عن غزة وإعادة اعمارها، ولكنهم تجاهلوا العدوان الإسرائيلي المتواصل على سكان قطاع غزة، وهذا يؤكد أن سكان غزة خارج اهتمام الوفد الفلسطيني الذي أعد البيان الختامي الذي وقع عليه وزراء الخارجية العرب.
نصيحة إلى وزراء الخارجية العرب بأن يطلعوا على البيانات التي تصدر باسمهم.