إذا كانت اتفاقية (سيداو) من منتجات الأمم المتحدة، وتستهدف الحفاظ على حقوق المرأة، فإن ما جاء فيها من بنود تخالف الشريعة الإسلامية مخالفة جذرية، وتضع الموقعين المتحفظين عليها في حرب ونزاع مع الله، ومع علماء الشريعة وفقهائها، فكيف بمن وقع عليها بلا تحفظ؟!
إن من يتربع على سدة السلطة في أي بلد من البلدان الإسلامية مطالب بأن يلتزم بقواعد الشريعة، ويترك مخالفة أحكام الله المحكمة، التي لا تقبل تأويلًا، فإذا خالف دخل في نزاع آخر مع المسلمين من أبناء الشعب.
وإذا كان ثمة طريقة لتخفيف الاحتقان الذي تسرب للمجتمع الفلسطيني في هذه اللحظة الحرجة، فإنه يلزم السلطة إصدار بيان يوضح موقفها، ويؤكد رفضها تطبيق كل ما يخالف الشريعة الإسلامية مما جاء في الاتفاقية، ويشرح للجمهور الأبعاد السياسية، أو المصلحية التي حملتها إلى هذا التوقيع المشين، ويبقى توقيعها على الوثيقة دون تحفظ أو بتحفظ، خطأ شرعيًّا لا مبرر له، وحتى لا يذهب الناس في الأحكام شططًا، يجدر بالسلطة إصدار بيان يطمئن الشعب على الالتزام بما جاء في شرع الله في القضايا المذكورة.
ما أكتبه ليس هجومًا على السلطة، بل هو دفاع عن الشريعة، وعن حقوق أبناء الشعب في رئاسة تحفظ لهم دينهم، وتصون لهم أحكام شريعتهم، وما كان صالحًا لمجتمعات أوروبا لا يصلح بالضرورة لمجتمعات المسلمين، بل إن أوروبا نفسها اكتوت بنار تشريعاتها البشرية، وما زالت تحترق بها، وتعود أحيانًا إلى الشريعة الإسلامية لتستقرض منها أحكامًا، كما في باب الطلاق، وباب منع الإجهاص، وباب تعدد الزوجات، وباب تصفير المنفعة البنكية على القروض لتنشيط الاقتصاد، وغيرها من الأحكام.
ربما كان من سرب الاتفاقية وبنودها المخالفة للشريعة إلى الإعلام يريد أن يدخل المجتمع الفلسطيني في صراع فقهي وسياسي، وهذا الاحتمال وإن كان واردًا، ويجدر الحذر منه، فإن الواجب يقتضي نقد الخطأ، وتفنيده، وبيان ضرره، بعد انكشافه، وتجنب مكافحة المخطئ نفسه بما يفسد القضية، ويجدر تشجيعه على الرجوع عن خطئه.
نريد مجتمعًا يتواصى فيه الناس بالحق والصبر، ولا نريد مجتمعًا يتنازع فيه الناس، ويلعن بعضهم بعضًا، وشرع الله مقدم في حق الدفاع عن حقوق النفس. وحب الله ورسوله مقدم على حب النفس والأهل والمال. نريد بيانًا يطفئ نار المنتقدين.