الشعب الفلسطيني منذ عام 1948م وهو في حرب مع الصهيونية التي احتلت الأرض الفلسطينية وطردت سكانها منها. في حروبنا المتعددة مع المحتلين كنا نقول يا رب. وكنا ندعوه أن ينصرنا وأن يهزم اليهود، وأن يحرر الأقصى المبارك. لم ينصرنا الله، وما زلنا ندعوه على أمل أن يستجيب لنا دعواتنا.
كنا على خير ولم يتحقق لنا نصر، ولم يُجب لنا دعاء، فكيف بنا إذا غادرنا ما لنا من الخير القليل، وأعلنا الحرب على الله؟! هل إذا أعلنا الحرب على الله نكون أقرب إلى النصر وإجابة الدعاء، والله يقول لمن يستحل الربا: "فأذنوا بحرب من الله ورسوله"؟!
أنا لا أتكلم عن الربا الآن، فقد أوشك الربا أن يدخل كل بيت من بيوت المسلمين، ولكني أتكلم عن استحلال الرئيس عباس مخالفة الله في شرعه، وعن منازعته فيما أحلّ وحرم، وفرض ذلك على المجتمع الفلسطيني بحكم وظيفته رئيسا للسلطة.
الرئيس وقع باسم فلسطين على اتفاقية (سيداو)، هذه الاتفاقية تحلّ زواج المثليين، وتحلّ الإجهاض، وتساوي بين الرجل والمرأة في الميراث. أي أن هذه الاتفاقية تخالف ما هو محكم من آيات الله؛ تخالف آيات الميراث، وتخالف آيات الطهارة والزواج، وتخالف آيات حماية الأطفال في الأرحام. وهذه المخالفات تعني أن شرع الله ينقصه الإحكام، وأن تشريع (سيداو) أحكم من تشريع الله، وإن من قال هذا واستحله دخل في دائرة الشرك، ومن لم يستحله دخل دائرة الفسق بفعله أو بتوقيعه الفاسد.
الرئيس يمثل الشعب في العلاقات الدولية، ولكن موجبات الحكم شرعا تفرض عليه الالتزام بشرع الله، لأن الشعب الفلسطيني شعب مسلم، وشعب يخوض صراعا مع العدو، وهو في أمسِّ الحاجة للتصالح مع الله، فكيف برئيس شعب مسلم ينازع الله في أحكامه، ويبيح لنفسه قبول ما شرّعت اتفاقية سيداو؟!
الشعب الفلسطيني المسلم لا يقبل هذا التجديف بالدين والشريعة باسم السياسة، ومسايرة الغرب في انحرافاته، ولذا كانت عشائر أهلنا في الخليل العشائر الأسبق لرفض ما قام به عباس، والأكثر خروجا في مظاهرات تطالب عباس بالانسحاب من الاتفاقية التي فيها محادة لله ورسوله، وجدير بكل أبناء الشعب، وقادته، وعلمائه أن يعبروا عن مواقفهم علنا، حتى لا تصيبهم معرة الصمت والسكوت، فيصيبهم ما أصاب علماء بني إسرائيل.
ما هي مصالح الشعب الفلسطيني في التوقيع على هذه الاتفاقية؟! أنا لا أجد أدنى مصلحة لنا فيها، بل أجد فيها نكسة جديدة، تعيق النصر والتحرير، وهي في نظري أخطر علينا من أسلحة اليهود. ومن قال إن هناك مصلحة في مخالفة شرع الله؟!
الفرق بين (سدوم) مسكن قوم لوط، و(سيداو) أن سيداو تزيد عليها في الحروف، وما فعله عباس إن صدق الخبر، زاد فيه على ما فعلته قرية سدوم في فاحشتين: الأولى الإجهاض، والثانية منازعة الله في تشريع الميراث! فهل ننتظر خسف سدوم، وأن يرجم الله شعبنا بالحجارة، أم أن في التراجع والتوبة مندوحة؟! من صاحب القرار؟! الشعب، أم عباس؟! وقديما قالوا: لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فيهم إن لم يسمعوها! وعاركم يضركم ولا يضر الله شيئا. حسبنا الله ونعم الوكيل.