الإعلان الصادر عن مكتب المدّعي العام لجرائم الحرب في المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق حول اتهامات للاحتلال بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، هي خطوة أولى نحو ملاحقة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال الذين يواصلون ارتكاب الجرائم منذ عام 1948، دون أي محاكمة أو مطاردة، بل وصلت إلى تغيير القوانين والأنظمة في بعض الدول لمنع ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة.
الجرائم التي ارتكبها الاحتلال لم تتوقف يومًا، وتأخذ أشكالًا متعددة بينها مسح قرى فلسطينية بالكامل، وإبادة عائلات بالكامل، ومسحها من السجل المدني، والتهجير والقتل والإرهاب، وقائمة طويلة من الجرائم القديمة والحديثة، وبعضها قبل أيام، حيث تمت إبادة عائلتين في دير البلح وسط قطاع غزة، وقبلها اعدام النساء والأطفال على الحواجز في الضفة الغربية، ويضاف الى جريمة الاستيطان التي لم تتوقف يومًا، وتمحو الوجود الفلسطيني.
الرعب الذي سيطر على الاحتلال جراء القرار يظهر أن يعي خطورة مثل هذا القرار عليه، وفي حال اتخذت خطوات فعلية، فسيكون من السهل على الفلسطينيين تقديم الأدلة على جرائم الاحتلال، وتعمد ارتكابها، وهو من شأنه أن يقود قادة الاحتلال إلى المحاكمة، وفي أقلها ملاحقتهم في الدول والمحاكم الوطنية.
مطلوب منا كفلسطينيين أن نتحرك سريعًا لانضاج الملفات المتعلقة بمحاكمة الاحتلال، دون تردد أو تراجع، والمسارعة لتشكيل وحدة قانونية ودبلوماسية تمنح كافة الصلاحيات والمهام للقيام بدورها، يشارك فيها عائلات الشهداء والجرحى والمعتقلين، ويشارك فيها المؤسسات الحقوقية وبإشراف وطني، والاستعانة بخبراء عرب ودوليين.
ما يحدث هو فرصة فلسطينية لملاحقة المجرمين الصهاينة الذي يواصلون جرائمهم، وحان الوقت للزج فيهم في أروقة المحاكم الدولية، ولتعزيز ذلك يقع على عاتق السلطة الذهاب نحو تفعيل التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تلاحق مجرمي الاحتلال، وعدم إخضاعها للمزاج السياسي لرئاسة السلطة التي تعهدت سابقا بالتوقيع عليها، ولم تلتزم بذلك، وواصلت التعاون مع الاحتلال في التهرب من ذلك، ومواصلة التنسيق الأمني الذي يوفر الغطاء لارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة عبر تزويد الاحتلال بالمعلومات حول المقاومين.