فلسطين أون لاين

رعاية الأبوين واجبة على الذكور مستحبة على الإناث

...
غزة/ مريم الشوبكي:

رعاية وبر الوالدين في كبرهما وعجزهما جسديا وعقليا هما طريق الأبناء إلى الجنة، فالجهد والتعب والصبر على كثرة طلباتهم وشكاواهم لها أجر مضاعف عند الله في الآخرة، وعلى النقيض فإن إهمالهما بسبب أو بداعي الانشغال يندرج تحت العقوق ويحرم الابن من الجنة ونعيمها.

حالات عدة تندرج تحت رعاية الأبناء من الذكور والإناث لأبويهما بعد العجز وفي الكبر، ولكل منهما رأس شرعي ما بين الوجوب والاستحباب، سيتم التعريج عليها بالتفصيل في السياق الآتي:

الجنة

بين رئيس رابطة علماء فلسطين برفح عدنان حسان، أنّ الله تعالى حرم على الإنسان أن يتأفف من والديه، في قوله تعالى: ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)) ولو كان هناك كلمة أقل من أف لحرمها.

وأوضح حسان لـ"فلسطين" أن رعاية الأبناء لوالديهما أو أحد منهما، لها ثلاث حالات: أن يكون أحد الأبوين أو كلاهما عاجزين، ويكون ابنهما بارًا بهما وقائمًا على خدمتهما، قال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)".

وأشار إلى أن من أراد أجر الآخرة بالعمل الصالح ودخول الجنان، عليه أن يبرّ أبويه، حينما جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال النبي : تعبد الله، ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة،.."، وفي حديث آخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ له فِي رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ, فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.

عقوق

أما النوع الثاني، قال حسان: " هناك من الأبناء لا يقوم بهذا الواجب ولا يصغي له بالا ويتخلى عنه وينسى ما قام به أبواه من رعاية واهتمام وتعليم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثاً): الإشراك بالله وعقوق الوالدين".

وأضاف: "حسبهم قوله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة).

حذر حسان الأبناء من الإلحاح على المسن للأمور التي قد تؤدي إلى حرجه، وألا يتذمر من تقديم الخدمات لهما وإن أكثروا من الطلبات والسؤال، فحينما يكبر يصاب بضعف في السمع والنظر وقصور في العقل أيضًا.

ولفت إلى أن من الأبناء من يقوم برعاية والديه ومن ثم ينقطع عنهما مدة من الزمن،، يحتاج إلى تذكير لهذا العمل وأن لبرهما وخدمتهما فضلا كبيرا وأجرا عظيما.

وذكر حسان أن هناك من يجعل أبويه في دار للمسنين دون أن ينفق عليهما أو يزورهما، أو أن يتركهما في البيت دون رعاية، هذا عاق وله إثم كبير في الدنيا والآخرة يحول دون دخوله الجنة.

واجبة على الذكور

وأكد أن رعاية الأبوين واجبة شرعًا على الأبناء الذكور، من ناحية النفقة والمأكل والمشرب والنظافة، والإنفاق، وإن امتنعوا جاز للأب والأم أن يرفع الأمر لقاضي المحكمة الشرعية، فيفرض القاضي نفقة على أبنائه جميعا بمال يكفل له عيشا كريما.

أما رعاية الأبوين من قبل الإناث، بين حسان أنها ليست واجبة على الإناث شرعا، ولكن مستحبة فإن قصر الذكور في الواجب انتقل الوجوب على الإناث، سواء كانوا عاقين أو فقراء ولا يستطيعون الإنفاق، وكان حال الإناث ميسورًا قدمن ما استطعن من الخدمة من المال أو غيره.

وأوضح أنه في حال عدم وجود الذكور وكان لهما بنات واجب في حقهن الرعاية والإنفاق على الوالدين، خاصة إذا كانت عاملة لها ذمة مالية مستقلة فلا يحق لزوجها أن يمنعها ان تفعل ما بمالها ما تريد أو تنفق على من تريد.

وأشار حسان إلى أن الزوجين في حال لم يكن لهما أبناء، تنتقل رعايتهما إلى أقرب الناس يرثونهما وهنا تجب النفقة عليهما سواء الأخ أو الأخوات أو أبناؤهم، مع وجوب رعايتهما والمحافظة عليهما.

ولفت إلى أن وضع العجوزين في دار المسنين في حال عدم وجود أبناء لا حرج فيه بل على الدولة أن توجِد أماكن للكبار في السن وأن تنفق عليهم وترعاهم.

هناك من ينعم عليه الله من المال ومنشغل في حياته بسبب أعماله، يخصص ممرضا أو شخصا يساعد والديه أو أحدهما، فهل يلحقه إثم؟ أجاب حسان: "وضع شخصا لخدمة الوالدين بسبب قاهر كالانشغال جل النهار في العمل، لا ضير في ذلك، ولكن مع وجوب زيارته يوميا، لأن الجانب النفسي له أثر كبير لأن من حقهما الشعور بالحنان والرحمة والطمأنينة والمحبة".