قال محمود عباس في كلمته أمام مركزية فتح الثلاثاء:" هناك قضية جديدة، وهي قضية المستشفى التي قررت أميركا أن تبنيه في غزة، وهو سيتبعه المطار والميناء، علما أنه كان لدينا مطار وميناء، ولكن (إسرائيل) دمرتها. عندما يبحثون عن المستشفى والميناء والمطار فإنهم يستكملون صفقة العصر، من أجل فصل غزة عن الضفة، وإقامة كيان لا ندري ما هو؟!".
عندما كان لنا ميناء ومطار في عهد عرفات، وأول عهد عباس، كان المطار بقول عرفات وعباس وفتح علامة مهمة من علامات السيادة الوطنية، وكان المواطنون يتقبلون هذا القول، ويتمنون بقاء المطار، ولكن شارون دمرّ المطار.
والسؤال الآن للرئيس نفسه كيف يكون العودة للمطار هذا إذا تحققت العودة، علامة من علامات الخيانة الوطنية، وجزءا من صفقة القرن؟! ليس من المنطق أن يكون المطار والميناء علامة وطنية يوما، وعلامة غير وطنية يوما آخر؟!
المطار الذي أقامه عرفات، فشل محمود عباس في المحافظة عليه، وفاوض ليفني بعد تدمير المطار، ولم يجعل منه قضية وطنية، رغم أنه كان نافذة الفلسطينيين الوحيدة للعالم الخارجي؟!
أما الميناء فقد بقي على ما هو عليه منذ قيام السلطة وحتى تاريخه، وهو ميناء محلي داخلي يخدم أمورا داخلية، وليس له اتصال مباشر مع العالم الخارجي، لأن (إسرائيل) تضرب حصارا بحريا على غزة، فهل إذا اتصلت غزة بالعالم الخارجي عن طريق البحر يكون في الأمر خيانة وطنية، ويكون عارا على غزة؟!
ألا يسعى محمود عباس للمطار والميناء؟! إن كان لا يسعى لهما فما معنى حديثه عن دولة فلسطينية ذات سياده؟! وإن كان يسعى لهما فلماذا يهاجمهما، ويهاجم حماس إن كانت تسعى لذلك، مع العلم المسبق أن أميركا (واسرائيل) لن تسمحا لحماس لا بمطار ولا بميناء؟!
ثم هب أن أمور الانتخابات جرت بخير، وأمور المصالحة جرت كذلك بخير، وعادت فتح إلى إدارة غزة، فهل ستمتنع عن طلب ميناء ومطار؟! أم أنها ستطلبهما، وتستعين بدول أخرى للوصول إليهما؟! وعند ذلك هل سيكون ذلك عملا وطنيا، أم عملا خيانيا؟! يقول علماء اللغة في تعريف الحق، إنه الشيء الثابت الذي لا يتغيّر. فأين الحق في الخيارين؟!
نعود الى المستشفى. ونقول له أميركا لا تبني بناء ثابتا، بل هو مستشفى ميداني متنقل، وتقوم عليه مؤسسات أميركية مدنية، بحسب تصريح الخارجية الأميركية، فهل إقامته خيانة وصفقة عصر، أم حاجة طبية لغزة كما يقول مرضى غزة ؟!
إن كان خيانة فعلى عباس أن ينهي هذه الخيانة ويطلب من الأمريكان سحب مشفاهم ومغادرة غزة، وإن كان لا يستطيع ذلك، فالسؤال لماذا لا يستطيع؟! والجواب لأن المستشفى ليس عملا من أعمال الخيانة الوطنية؟! والاختلاف حوله يرجع فقط إلى أن المؤسسة الأميركية لم تستشر عباس، ولم تمر إلى غزة من المقاطعة في رام الله.
يبقى سؤال مهم، كيف يمكن أن تجري انتخابات وطنية نزيهة معترف بنتائجها، وعباس لا يرى في الأحزاب الفلسطينية شريكا وطنيا، ويرى أن المستشفى الأميركي والميناء والمطار عملا خيانيا، وهما حتى تاريخه حبر على ؟! ومن ثم لا داعي لمزايدات هابطة!