فلسطين أون لاين

لا تحمّل شماعة السحر والشعوذة فوق طاقتها

...
غزة/ أسماء صرصور:

ينزع الكثير من الناس إلى التفسيرات الغيبية (ما وراء الطبيعة) عوضًا عن تفسير أي ظاهرة بتفسيرها العلمي الموضوعي، فبدلاً من معرفة المسبب الحقيقي لمرض ما، يلجؤون لتفسيرات غيبية كالحسد والعمل وغيره.

وعن ذلك يقول عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية وأستاذ الفقه وأصوله المشارك د. تيسير إبراهيم: "قد يكون الأمر متعلقا بمرض عضوي أو نفسي"، مركزًا حديثه أكثر على المرض النفسي تحديدًا، فالمرض العضوي تكتشفه الفحوصات المخبرية.

ويستدرك إبراهيم في حديثه لـ "فلسطين": "لكن في الأمراض النفسية والتي يعدها الناس عارًا لا يلجؤون تقريبًا إلى الأطباء النفسيين، مع أن هناك أمراضا نفسية تظهر على البدن، ولها أعراض كثيرة قد تخفى على المختصين"، مضيفًا: "فيقصد الناس الدجالين والمشعوذين والكذابين، فيبدؤون بتفسير هذه الأمراض النفسية التي لو ذهبنا إلى طبيب نفسي، لفسرها تفسيرًا واضحًا عمليًا".

ويلفت إلى أن الناس ربما يستسهلون أو يخجلون من التفسيرات النفسية، فيذهبون إلى التفسيرات الغيبية، ذاكرًا عددًا من الأمثلة مثل طالب فاشل في دراسته بدلًا من أن يعلق فشله على سبب موضوعي كعدم دراسته ومتابعته، يعلق فشله على سبب غيبي بأنه ربما محسود أو معمول له عمل، زوجة فاشلة أو زوج فاشل في إدارة البيت ربما أول ما يذهبون إلى التفسيرات الغيبية.

وينبه عميد كلية الشريعة والقانون إلى أن المشكلة الأخرى أن الناس يذهبون لهذه التفسيرات الغيبية لتبرير جرائم وذنوب فربما بعض الناس وقع في جريمة قتل، ويأتي ليقول "أنا لم أقتل بل الذي قتل هو الجن الذي بداخلي"، وهذا كلام فارغ ولا يمكن قبوله.

وبسؤاله أن هناك خلافًا بين السلف والخلف حول التلبس.. فما رأيك؟ يجيب: "لا نبتعد إن قلنا "إن الجن  لا يتلبس الإنسان" فنحن هنا لا نبعد عن أقوال العلماء الكبار، وإذا قلنا هذا الكلام لا ينكر علينا أحد هذا القول لأنه قول لعلماء كبار، وعليه أدلة وله شواهد من الشرع".

ويدلل إبراهيم بما ورد عن الإمام الشافعي وهو يقول: "من زعم رؤية الجن أبطلنا شهادته"، وكم من هؤلاء الدجالين الكذبة يزعمون أنهم يرون الجن، وأنهم يرونه وهو يخرج من جسم الإنسان من فمه أو قدمه ..إلخ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله قد رد كيد الشيطان إلى الوسوسة" بمعنى أنه انتهى دور وعمل الشيطان إلى الوسواس فقط.

وللوصول إلى اليقين، يوضح أنه يجب أولًا أن يقطع أطباء الأمراض العضوية بسلامة الشخص، ثم أطباء الأمراض النفسية وهناك أمراض نفسية كثيرة تفسر على أنها تلبس أو عمل، مثل مرض الرهاب الاجتماعي.

ويبين أستاذ الفقه وأصوله أن مرض الرهاب الاجتماعي يخاف المريض فيه من الاجتماع بالناس، وله آثار عضوية إذا رآها إنسان من الذين يميلون إلى التفسيرات الغيبية سيقول له إن هذا هو الجن، لأنه قد تنتفخ أوداج من لديه رهاب اجتماعي وتحمر عيناه ويتعرق، ويتكلم بطريقة غير مفهومة وصوت خشن ..إلخ، وهذا مفسر علميًا.

ويستنكر بقوله: "فلماذا نذهب إلى التفسيرات الغيبية، وهناك أمراض كانفصام الشخصية صعبة التشخيص، فهنا يلعب الدجالون دورهم في الكذب والدجل على المرضى".

وينبه إبراهيم إلى أنه ينبغي على الإنسان أن يتحصن، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال "المعوذتان لا يتعوذ بمثلهما" وهما لا تأخذان من الإنسان أكثر من دقيقة في الصباح والمساء، ثم بعد أن دخل هذا الحصن الحصين وادعى انه مصاب بشيء من العين أو الحسد فهذا لا يستقيم مع إيمان الإنسان، ويجب أن يكون لديه يقين أكبر بالله سبحانه وتعالى.