القدس رافعة القرار الوطني الفلسطيني لمن توافرت لديه النية لكسر القرار الأمريكي، ومواجهة الأطماع الصهيونية، والدخول إلى الشرعية من بوابة الانتخابات، وقد تكون القدس هي المشجب الذي سيعلق عليه الخائفون من الانتخابات قرارهم بالتأجيل، أو الهروب من المواجهة.
وللفلسطينيين كل الحق في عدم ترك القدس لمصيرها المجهول، ولهم الحق في وضع شرط مشاركتها في الانتخابات على رأس الأولويات.
والقدس لا تنتظر إذن الإسرائيليين، ولا يجب أن يطمع الإسرائيليون في استئذانهم لإجراء الانتخابات في القدس، ولا يجب أن يتلفظ فلسطينيٌّ بلغة التوسل والرجاء من الإسرائيليين لإجراء الانتخابات في القدس، ومن الخطأ أن يتحدث بعض المسؤولين عن مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على (إسرائيل) كي توافق على إجراء انتخابات برلمانية في القدس، فهذه لغة الضعفاء، وحديث المتشككين بقدراتهم، وسياسة الخنوع التي لا تحرر وطناً، ولا تجعل من المحتلين إلا أسياداً على الأرض، وأصحاب القرار حتى في بدهيات الحياة الفلسطينية، فما دامت القناعة بأن القدس عربية، وهي عاصمة فلسطين الأبدية كما يقول البعض، فالحال تقضي بأن يتصرف المالك في ملكه دون استئذان قريب أو غريب.
القدس شاركت في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأولى سنة 1996، وكانت حاضرة في المشهد الانتخابي من خلال التحدي الذي مارسه أبو عمار، وهذا درس لمن يتخذ من أبي عمار نبراساً، ويدعي أنه يسير على دربه. لقد نص البند الرابع من اتفاقية القاهرة على تشكيل مجلس فلسطيني من 82 ممثلاً، ورئيس السلطة التنفيذية، الذين سينتخبهم مباشرة وبوقت واحد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وهنا كان الإصرار من أبي عمار بأن يتشكل المجلس من 88 عضواً، وأن يكون اسمه: المجلس التشريعي الفلسطيني.
لم يتوسل أبو عمار للإسرائيليين، لقد كسر البند الرابع، حين أصدر مرسوماً سنة 1995 بإجراء انتخابات للمجلس التشريعي والرئاسة، فما كان من الاحتلال إلا أن خضع، ووافق على مضض.
فهل يصدر المرسوم الرئاسي سنة 2019، بإجراء الانتخابات في القدس دون الإصغاء للرفض الإسرائيلي المتوقع، ولا سيما أن البند 2 من اتفاقية القاهرة يقول: بإمكان فلسطينيي القدس الذين يعيشون هناك المشاركة في عملية الانتخابات، وفقاً للأحكام المنصوص عليها في هذا الاتفاق.
القدس معركة الفلسطينيين كلهم، وإذا أعاق الاحتلال إجراء الانتخابات في القدس، فلا بأس من المواجهة من أجل القدس، وأن يبدأ الفلسطينيون معركتهم مع الاحتلال من قبة الصخرة، ومن ساحة الحرم، ومن شوارع القدس العتيقة، ومن كنيسة القيامة، لترسم الإرادة الفلسطينية معالم المرحلة وفق مشيئتهم، لينطبق على القدس قول الشاعر العربي:
وما نيل المطالب بالتمني ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
ملحوظة: إلى المصفقين لاتفاقية أوسلو، واللاهثين خلف انتخابات مجلس تشريعي، انتبهوا إلى الفقرة 5 من البند 18، التي تقول: يجب إبلاغ الجانب الإسرائيلي في اللجنة القانونية بجميع التشريعات في المجلس!
فأي مجلس هذا الذي تطلّ على تشريعاته دولة الاحتلال؟