فلسطين أون لاين

شاب فقد طرفيه وراتبه مقطوع

تقرير "النجار" يبذر بحكايته الأمل في نفوس ذوي الإعاقة

...
غزة/ صفاء عاشور:

في طرفة عين تتغير من حولنا الدنيا، تأخذنا في طريق كنا نظن أننا لن نسير بها أبدًا، أحداث ومواقف تتسبب في تغيرنا جذريًّا، لتدفعنا أمواج الحياة إلى شواطئ جديدة نستكشفها أول مرة.

هذا هو جل ما شعر به الشاب الثلاثيني لؤي النجار الذي أصبح في غمضة عين أحد مصابي عدوان الاحتلال في 2008-2009م على  غزة، ففقد بسببه قدميه، حالة لم يستوعبها النجار إلا بعد استيقاظه من غيبوبة دامت 25 يومًا وليلة.

تفاصيل كثيرة عاشها النجار خلال السنوات العشر الماضية، منها مواقف صعبة وذكريات مؤلمة ولكنه وجد وسط كل هذه الآلام بذرة أمل أراد أن ينثره على من حوله من الأصحاء والمرضى وفاقدي الأطراف أيضًا.

رسالة سامية حملها لترسيخ الإيمان بأن الله إذا أخذ من عبده شيئًا عوضه بما هو أجمل وأغلى، وإن أراد النجار أن يلخص النعمة التي حصل عليها بعد فقدانه طرفيه فستكون الرضا والأمل.

قبل عشر سنوات

ولو عدنا للماضي لرأينا النجار (21 عامًا)  الذي يدرس اختصاص الجغرافيا ويطمح أن يستكمل الماجستير والدكتوراة، يساهم في إخلاء جرحى عدوان 2008-2009م في بلدة خزاعة، شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة.

وفي أثناء هذه المهمة النبيلة كانت هناك تدابير أخرى ستغير حياته إلى الأبد، فصاروخ من طائرة حربية دون طيار إسرائيلية سقط بجواره في أثناء مشاركته في إخلاء الجرحى، تسبب في إصابته وفقدانه قدميه وإدخاله في غيبوبة.

ونظرًا لحالته الخطيرة حول إلى مشافي جمهورية مصر العربية ثم مشافي المملكة العربية السعودية، ليطرأ بعد ثلاثة أشهر من العلاج تحسن في حالته التي احتاجت لكثير من التأهيل الطبيعي والوظيفي.

خضع للعلاج وركب له طرفان صناعيان، ثم عاد إلى خان يونس، وبدأ معها رحلة جديدة ليكملها بالتخرج في الجامعة، والزواج والإنجاب، فكل ما مر به لم يكن ليُعيقه أو ليُشعره بأنه إنسان ناقص أو مختلف عن غيره.

يقول النجار: "بعد عودتي وتأقلمي مع إصابتي صممت على الحصول على شهادة البكالوريوس في الجغرافيا، وتمكنت من تحقيق هذا الحلم في 2015م، ونظرًا للأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة في القطاع بسبب الحصار، لم أتمكن من الحصول على وظيفة في مجال دراستي".

ويضيف: "عدم توافر وظيفة كان سببًا رئيسًا لأن أخوض غمار تجربة جديدة في حياتي، وهي رفع الروح المعنوية للجرحى وذوي الإعاقة الذين فقدوا أطرافهم بسبب العدوانات ولأي أسباب أخرى"، لافتًا إلى أن المرضى في هذا الوقت يحتاجون بشدة إلى من يقف بجانبهم وجعلهم يرون الجانب الإيجابي من الحياة.

ويؤكد النجار أن الإنسان يحتاج إلى خمسة أشياء في حياته، لكي يضمن النجاح في أي خطوة يقوم بها، وهي: الثقة بالنفس، والإصرار على التنفيذ، والتفاؤل كل يوم، وعدم مقارنة ذاته بأحد، وتجاهل المحبطين.

وعانى النجار ولا يزال مشكلة قطع راتبه جريحًا من مؤسسة الشهداء والجرحى التابعة لمنظمة التحرير، منذ عام 2012م، فراتبه قطع أكثر من مرة بحجة تحديث بيانات، وكان آخرها منذ عشرة شهور، ولم يصرف له بعدها أي راتب.