فلسطين أون لاين

محللان: تعطيل السلطة المستشفى التركي منذ تأسيسه دليل تورُّطها بحصار غزة

...
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

رأى محللان سياسيان أن إعلان حكومة محمد اشتية في رام الله عن نيتها تشغيل المستشفى التركي في قطاع غزة بعد تعطيله بقرار من السلطة الفلسطينية منذ تأسيسه عام 2017، يؤكد تورط السلطة بمنع توفير الخدمات الطبية في قطاع غزة خلال السنوات الماضية.

وعدَّ المحللان في حديثين منفصلين لـ"فلسطين"، أن هرولة السلطة لتشغيل المستشفى التركي تأتي لقطع الطريق على المستشفى الميداني الأمريكي، المزمع إقامته في شمال قطاع غزة، معتقدين أن ذلك "يندرج في إطار المناكفة السياسية من قبل السلطة، ورفضها لأي خطوة في غزة لا تمر عبرها".

وكان رئيس الوزراء محمد اشتية، قال في تصريحات صحفية، أمس، إن رد حكومته على إقامة المستشفى الميداني سيكون بتشغيل المستشفى التركي، وذلك بعد يومٍ من تأكيد رئيس الوكالة التركية للتعاون الدولي "تيكا" أحمد رفيق شتنكايا، خلال لقاء جمعه بوزيرة الصحة، مصادقة البرلمان التركي على الموازنة التشغيلية لذلك المشفى خلال الشهر الجاري.

وكانت وزيرة الصحة في رام الله مي الكيلة، دعت إلى الإسراع في تشغيل المستشفى التركي، أول من أمس.

امتناع مسبق

المحلل السياسي وسام عفيفة رأى أن سعي السلطة لتشغيل المستشفى التركي "يدينها، فهي تحارب القطاع الصحي من خلال الصعوبات العالية في التحويلات ودخول الأدوية للأمراض الصعبة حيث إنها تستخدم الحاجات الإنسانية للابتزاز والضغط في إطار المناكفات السياسية والصراع على السلطة والنفوذ".

وأضاف عفيفة: "المفترض أن غزة كمنطقة للحروب على رأس أولويات السلطة صحياً وليس منطلقاً للتسول باسم الشعب الفلسطيني"، مبيناً أن موقف السلطة بشكل عام دائمًا معارض لأي خطوات أو إجراءات من أي أطراف تساهم في تخفيف الحصار عن غزة فقد هاجمت المنح القطرية ورفضت التعاون في خط الكهرباء بل وضعت العراقيل أمامه".

وتابع: "السلطة لديها تصور أن أي مشروع في غزة لم يمر عبرهم فهو غير شرعي من ناحية الإجراءات، فهم لا ينظرون للجهة القائمة على المشروع بقدر ما يهمهم الحفاظ على دورهم في كل شيء متعلق بالأموال".

ومضى قائلاً: "السلطة تبذل جهوداً لوقف أي مشاريع في غزة عن طريق مهاجمتها إعلاميًا بشن حملات التشويه واعتباره ضمن مخططات الانفصال وإقامة دويلة في غزة وتطبيق صفقة القرن، وغيرها من التهم الجاهزة تجاه غزة".

وتابع: "كما يتواصلون مع الدول القائمة على تلك المشاريع ويقدمون رسائل احتجاج لها عن طريق الرئيس عباس والسفراء كما فعلوا سابقاً مع تركيا وقطر وملادينوف مطالبين بألا يتم التعامل إلا معهم كجهة رسمية".

وأضاف:" إذا فشلوا في وقف المشروع يتخذون إجراءات عقابية ويرفضون إرسال الميزانيات لتبقى غزة تحت الحصار ولإثبات أن حماس السبب الرئيس في أزمات القطاع وكوسيلة ضغط ضد حماس والفصائل من أجل الذهاب لحوارات تملي السلطة خلالها شروطها بشكل كامل".

وبين أن السلطة ترفض أن يكون لغزة وفصائلها أي حضور سياسي، باعتبار أن أصحاب برنامج التسوية إذا سيطروا عليها سيكون فيها المشاريع والازدهار.

مسألة سياسية

بدوره بين المحلل السياسي إياد الشوربجي، أن دعم السلطة للمستشفى التركي في ظل محاربتها للمستشفى الميداني نوع من المفارقة العجيبة وتأكيد أن رفضها له سياسي بامتياز، ففكرة المستشفى الأمريكي نشأت أساسًا من منع السلطة للتحويلات بذرائع مختلفة، لتبادر الفصائل بطلب إنشاء ذلك المستشفى.

ورأى الشوربجي أن رفض السلطة جاء للمستشفى الميداني لأنه لم يأتِ عبر قنواتها، وكان نتيجة التفاهمات المبرمة بين المقاومة والاحتلال؛ لذلك تشعر السلطة بنوع من التهميش الكبير وتشن حملة شرسة عليه وتعرقل قيامه لأهداف سياسية.

وقال: إن "مشكلة السلطة بالأساس ليس في وجود المستشفى الأمريكي أو غيره أو البعد الأمني المثار حوله ضجة جلها مفتعلة؛ بل هي أزمة سياسية من الدرجة الأولى وليست أمنية أو خدماتية".

وأضاف: "وجود المستشفى أو أي نوع من الخدمات للقطاع يقوض حصار السلطة لغزة وعقوباتها عليها، ويحدث تنفيساً للمواطنين، ويحبط كل وسائلها التي تظن أنها ستعيد القطاع لسيطرتها في ظل قلقها على مستقبلها بالضفة بعد ضم الكتل الاستيطانية لـ(إسرائيل) وعدم وجود مستقبل لحل الدولتين، وأي حل سياسي بل يقتصر وجودها على كونها ذراعًا أمنيًا لـ(إسرائيل)".

وأضاف: ذلك يجعل السلطة خائفة من أن يكون هناك مستقبل سياسي في القطاع منفصل عنها في ظل فشل "التسوية العبثية" التي تخوضها منذ سنوات طويلة.