" إننا داخل العقد الثامن لدولة (إسرائيل). وفي تاريخنا كله كانت لنا دولتان هنا في أرض (إسرائيل)، لكن لم ننجح أبدا في عبور العقد الثامن كدولة موحدة، وذات سيادة، ونحن في عقد فيه تهديدات كبيرة، مع فرص كبيرة. ويحظر الذهاب إلى انتخابات ثالثة". هذا القول لبينيت اليميني وزير الحرب.
في مقالنا في ٦ أكتوبر قبل يومين، وكان بعنوان "جرثومة انهيار الدول"، قلنا إن دولة الاحتلال بدأت جرثومة انهيارها تأكلها من الداخل، معللين ذلك بأسباب منها: الفساد المالي، والرشوة، وقد اتهم بهما نتنياهو وأولمرت من قبله. ومنها الفساد الجنسي، وقد اتهم به رئيس الدولة كساب، وقادة في الجيش، ومنها التنازع الحزبي والفكري، واحتدام الخلافات، وفشل تشكيل الحكومة. ومنها الوصول إلى قمة القوة العسكرية دون القدرة على تحقيق الأمن والاستقرار، مع ازدياد التهديدات الخارجية.
لا أود التركيز على التهديدات الخارجية، وحزام النيران الذي يمكن أن يحيط بدولة الاحتلال، وهو ما أشار إليه بينيت، ولكن أودّ أن أركز الحديث على الأسباب الداخلية، وعلى قول بينيت إن دولة (إسرائيل) -الأولى والثانية- لم تتجاوز عمر الثمانين سنة في هذه المنطقة. أي أن دولتهم القديمة عاشت في يهودا والسامرة أقل من ثمانية عقود، ثم فنيت وسقطت، وإن دولة (إسرائيل) الحديثة بلغت من العمر الآن سبعين عاما، وقد تكون نهايتها قد أزفت، وأنها لن تتجاوز الثمانين، ولأنه يخاف ذلك ويستشعره فهو يناشد الأحزاب للاجتماع على حكومة، وعدم الذهاب لانتخابات ثالثة؟!
بإمكاننا أن نقول إن الرؤية التي طرحها أحمد ياسين، والرؤية التي طرحها بسام جرار، تلتقيان مع الرؤية التي يطرحها بينيت. أي أن التفكير الإسلامي يلتقي مع التفكير اليهودي في قرب زوال دولة (إسرائيل)، وإن العقد الثامن هو عقد الانهيار، وبالتالي هو عقد علو الإسلام في فلسطين إن شاء الله.
ما الذي دفع بينيت إلى قول ما قال وهو يعلم أن ما قاله يؤنس الفلسطينيين، ويزيد من عزيمة المقاومة؟! إن ما قاله هو لا يريد به أن يؤنسنا، ولكن يريد أن يحذّر زعماء دولته، ويخوّفهم حتى يعملوا متحدين ومتفاهمين من غير تنازع. وهو من ناحية ثانية لا يستطيع أن يخفي هذه الحقيقة التوراتية التي تطارده، وتبعث فيه القلق، لذا يحاول توظيفها لعبور العقد الثامن من عمر الدولة، وهو بإذن الله عقد لن يمر وهم بخير، وسيعود الفلسطينيون إلى وطنهم وعاصمتهم، وما ذلك على الله بعزيز.