ما وصلت إليه المقاومة الفلسطينية في غزة من إبداع قتالي، وتصنيعها كثيرًا من سلاحها، وإيجادها تكتيكات حصرية لاستخدام السلاح وفقًا لعلم الطبوغرافيا؛ ما هي عليه من تميز نوعي جاء نتيجة تراكم خبرات وتعاقب أجيال، وهذا ما يجعل المقاومة في غزة مدرسة ثورية ستدرس عما قريب في الأكاديميات والمعاهد العسكرية.
وكذلك الحال عندما يكون الحديث عن الصراع الأمني وحروب الأدمغة، وقد توجتها المقاومة بعملية #حد_السيف التي أظهرت المقاومة فيها براعة عالية، في عالم يكتنفه الغموض من كل جانب، وما يطفو منه على السطح ليس إلا قليل القليل.
وأما صناعة الوحدة في الميدان بالشراكة في القرار والنار؛ فهذا الحديث فيه أصبح مما يتفاخر به كل صديق، ولا ينكره إلا عليل الخلق خبيث النفس.
ولولا الإطالة وخشية الملالة منها لذكرت كثيرًا من عناوين هذا الإبداع المقاوم، لكن هذا يكفي لأبرهن على أن داء التحاسد السياسي هو موبئ كل ضرار، ومأوى ينجذب إليه شرار الخلق ليرموا مقاومة شعبنا عن قوس واحدة، وقد أكل نار الحقد قلوبهم، فهي عمياء لا تحسن التقدير، ولا تبصر الحقيقة، وهمهم كله تمني زوال نعمة الهداية التي أنعم الله بها على المجاهدين، إذ قال: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".
فليس خوفًا ولا خشية على المقاومة وحاضنتها الشعبية يثيرون المخاوف، ويفزعون بالأراجيف، ويكيلون الأكاذيب وفي كل واد يهيمون، فهم أنفسهم من يقتات على أثمان العمالة التي يقدمونها لكل زبون يأتي في ليل أو نهار.
وهنا عرفت كيف كان حسد أبناء يعقوب لأخيهم يوسف الذي فاز بقلب أبيهم منهم أسوأ تقدير عندما وجدوا أن صلاحهم يكون بإهلاك أخيهم "يخلُ لكم وجه أبيكم، وتكونوا من بعده قومًا صالحين"، والأصل في الأخوة التعاضد والنصرة، "واجعل لي وزيرًا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري".
نعم، ليست القصة تحذيرًا من مخاطر، وبيان مهددات؛ فهذا مما تترصده المقاومة بعقولها وأيديها على الزناد.
بل هي قلوب ملأها الحقد، وأعياها الحسد حتى وجدت كل حسنة تصيبها المقاومة مساءة لهم، فلم يعجبهم تفوقها وإبداعها والتفاف الناس حولها وهم يضيقون عليها كل باب، ويرمونها بكل سوء.