فلسطين أون لاين

حواء صوتك عالٍ.. إذًا ارحموني

...
غزة/ أسماء صرصور

لماذا تصرخ حواء؟، هل لأنها تجد رفاهية ومتعة كبيرة فقط في إرهاق أحبالها الصوتية، أم أن هناك دوافع وأسباب أخرى تجرها جرًّا نحو الوقوع في هاوية الصوت العالي والصراخ؟!

هل جرب الزوج –مثلًا- أن يعرف ما يدفعها للصراخ، أم أنه فقط مهتم بألا يعلو صوتها حتى لا يتحدث عنها الجيران فقط، دون أن يساعدها على حل المسبب الذي يزعجها ويستثير أعصابها؟!

الاختصاصية الاجتماعية رضا عبد العال تتناقش هي ومراسلة صحيفة "فلسطين" في الأسباب التي تدفع حواء للتسلح بالصراخ والصوت العالي، وكيف يمكن معالجة هذه المشكلة.

تقول عبد العال: "إن الأمر يتعلق بقوة تحمل المرأة وانفعالاتها، فبعض النساء شخصيتها عصبية ومن السهل استثارتها، وأخريات لسن كذلك"، مشيرة إلى أن ضغط الحياة على المرأة وكثرة المهام التي تثقل كاهلها من المسببات.

وتتابع: "في بعض الأحيان تكون المرأة عاملة، فمن الطبيعي بعد هذه المهام أن تهتم بالأولاد من دراسة وتربية وطعام، وهذا يسبب عليها ضغطًا؛ فتستخدم لغة للتعبير عن هذا الضغط هي (الصراخ والصوت العالي)".

وتؤكد أنه بخلاف أولادها هناك أسباب عديدة جدًّا، تدفع المرأة لأن يكون صوتها عاليًا، فقد يكون صوتها العالي بسبب ضغوطات نفسية داخلية مخفاة في عالمها الخاص، لا تستطيع التعبير عنها أو الإفصاح.

فأي سلوك ظاهري –توضح عبد العال- من أطفالها حتى لو كان تصرفًا عاديًّا جدًّا قد يستثيرها ويدفعها للصراخ، وفي هذا الموضع ليس الطفل هو الذي استثار أمه، ولكن الضغوط الداخلية والأمور الخاصة التي لا تستطيع أن تعبر عنها الأم ستخرج في وجه الطفل.

وتقول: "لربما لا تخرج في وجه طفلها بل في وجه زميلة أو رئيسها في العمل، وبعد أن تهدأ تلوم نفسها لمَ أعلت صوتها، ولمَ كانت المواجهة عبارة عن صراخ"، مبينة أن كل فعل له رد فعل، لكنه ليس بالضرورة أن يكون السلوك الظاهري الحالي هو المسبب الأساسي لردة الفعل.

وتنبه إلى أنه إذا وقعت الزوجة فيما نسميه "صراع الأدوار"، فلا تكون قادرة على التوفيق بين البيت والمهام الزوجية والعمل والرغبات الذاتية، فتهدر الرغبات الذاتية، وتجد نفسها تشبع الرغبات الخارجية الخاصة بالدائرة المحيطة؛ يكون هذا سببًا كافيًا للصراخ في وجه من أمامها؛ ففي هذه الحالة تصرخ المرأة صراخًا خفيًّا في وجه المجتمع كله.

وتشدد الاختصاصية الاجتماعية على أن الزوج عامل أساسي جدًّا في استثارة المرأة، فبعض الأزواج لا يوفر لزوجته البيئة الأساسية التي تمنعها من علو صوتها، على العكس قد يكون هو السبب في علو صوت زوجته، فهناك بعض الرجال لا ينصاعون لمهامهم الأساسية المنوطة بهم، ولا يقومون بدورهم في البيت إلا بصراخ المرأة وصوتها العالي.

فالزوج –من وجهة نظرها- يتحمل المسئولية لأنه الشريك الأساسي في كل شيء، ولابد من تحمله بعض المهام عن المرأة، لكن أن يحمّل زوجته كل هذه الأعباء، ويتهرب من مسئولياته، فمن الطبيعي أن تشعر المرأة بالضغط وتعبر عنه بوسائل شتى، ومنها "علو الصوت"، تضيف: "وبذلك يكون الصراخ عندها مجرد تفريغ انفعالي، وبمجرد أن تفرغ هذا الصراخ تعود لوضعها الطبيعي".

وتوضح عبد العال أن الآثار السلبية لهذا الصراخ تنعكس على كل الأسرة، لكن أخطرها وأدقها هو أن المرأة تفقد أنوثتها، وهو ما تحذر المرأة من الوقوع فيه.

أما الآثار السلبية على الطفل فأول نقطة تذكرها هدم شخصية الطفل، لأن صراخ الأم عليه دومًا يجعل شخصيته ركيكة وضعيفة، والأم تمثل كل نساء العالم لهذا الطفل، فقد ينعكس هذا على مستقبل الطفل فيرى كل أنثى مثلها، مطالبة الأم بضبط سلوكها أمام طفلها، وتتحكم في انفعالاتها معه، لأن السنوات الخمس الأولى هي السنوات الأصلية في تربية الطفل، كما تقول.

أما في علاقة المرأة بزوجها -تضيف- فالرجل لا يحب المرأة ذات الصوت العالي، ولو أجريت دراسة فلن نكاد نجد رجلًا يتقبل ذات الصوت العالي، وسيقول إنها تزعجه، وسيحاول أن يتحاشاها، إن لم يصطدم معها، ففي الحالتين المرأة ستكون خاسرة من هذا الصراخ.

إذًا كيف تحل المشكلة؟، بداية تؤكد أن المرأة ليست وحدها من ستحل المشكلة، لكنها العامل الأساسي، فيجب عليها تحويل شخصيتها إلى شخصية متزنة انفعاليًّا، ولا تسمح لكل المثيرات بالتأثير عليها، صحيح أنه في بعض المواقف -كل نساء العالم- من الطبيعي أن تصرخ، لكن هذا ليس معناه أن تتحول وسيلة الصراخ إلى الأداة لتحقيق غاياتها ومرادها، لأنها لن تصل إلى الهدف الإيجابي، بل ستؤثر بالسلب على نفسها أولًا، وعلى أطفالها وعلى زوجها وعلى أسرتها.

وتتابع عبد العال: "لكن على الزوج أن ينتبه إلى أنه الشريك الأساسي في كل الواجبات، وكما أن له حقوقًا؛ عليه واجبات تجاهها، وعليه أن يساعدها ويعينها على كل شيء، فالرجل الذي لا يقوم بمهامه؛ فمن حق المرأة أن تصرخ في وجهه أربعًا وعشرين ساعة".

وتنصح المرأة أن يكون أسلوبها بين الحزم واللين، فلا تلجأ إلى علو الصوت ولا الضرب إلا في بعض الأمور القليلة، "لكنها إن كانت حازمة جدًّا فستلجأ إلى الصراخ، وإن كانت متساهلة جدًّا فسيكون البيت فوضى، وفي الحالتين الأسرة ستكون في مسار خطأ".