يقول نتنياهو: أريد سنتين في الحكم، لا ستة أشهر. ولا تستطيع الحكومة إجراء ما يلزم لضم الأغوار، لأنها حكومة انتقالية. من المعلوم أن الحكومات الانتقالية أقل فاعلية من الحكومات العادية، ويزعم نتنياهو أنه يرغب في رئاسة الحكومة لمدة سنتين حتى يتمّم عملية ضم الأغوار، وخصومه يبكتونه قائلين: حكمت عشر سنوات ويزيد ألم تكن كافية لعملية ضم الأغوار؟! وهم حين يبكتونه يدعونه للاستقالة ومواجهة المحكمة، بعد أن اتهمته النيابة العامة بثلاث تهم، منها الفساد والرشوة.
خصوم نتنياهو في حزب أزرق أبيض يحاولون استثمار التهم الموجهة لنتنياهو في تشكيل حكومة بقيادة غانيتس، ولكن غانيتس فشل في جمع الأصوات اللازمة، لأن المجتمع الإسرائيلي، وأحزابه يميلون نحو اليمين واليمين المتطرف، ويرون في أزرق أبيض شبح اليسار الذي لا يقوم على صهيونية حقيقية، أو توراتية غالبة، وهو يستند إلى تأييد الكتلة العربية.
في ضوء تعدد الأحزاب، وتنازعها، ومن ثمّ اختلاف الشعب على هذه الأحزاب، فإن حالة من الاستعصاء في تشكيل حكومة أغلبية تحيط بالأحزاب والمجتمع، مما يرجح ذهابهم إلى انتخابات ثالثة، وحتى إذا ذهبوا إليها فإنها لن تكون أداة حلّ حقيقية، إذ يرجح ألا تتغير نتائج الانتخابات كثيرا، وربما يعودون إلى حالة الاستعصاء القائمة.
إن هذه الحالة المستعصية تقدم لنا شاهدًا على قوله تعالى: "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى" الأمر الذي ينبغي أن يعود على الفلسطينيين بشكر الله على ما أعلم وأخبر، ويجدر أن يؤنسهم هذا بأن عدوهم ليس قويا، ولا متماسكا، وأن مجتمعه أوهن من بيت العنكبوت، وأن الأنظمة العربية تعاني من وهم قوته وتماسكه، بينما هو متنازع، مسكون بالرشوة والفساد، من رئاسة الوزراء، إلى أدنى موظف، ناهيك عن سجن رئيس الدولة كاتساب بتهمة التحرش الجنسي، وسجن أولمرت بتهمة الرشوة والفساد.
مثل هذه الدول والمجتمعات لا تعيش طويلا، ولا تسود قوية لعقود مديدة، لأن ضعفها وانهيارها، كائن في جرثومة تسكن ذاتها، ولو طرقها طارق المقاومة الحقيقية من خارجها فإنه يعجل فقط في انهيارها. إسرائيل دولة بلغت القوة العسكرية التي لم يبلغها اليهود يوما، ولكنها تعاني من أمراض اليهود المعلومة للمؤرخين، وحين تبلغ الدول القمة العسكرية في مجتمع تسوده الرشوة والفساد، ويغيب عنه العدل، وتتنازعه الأحزاب يبدأ بالانهيار بعوامل داخلية. إسرائيل إلى الانهيار بجرثومة الذات التي كانت سببًا في انهيار دول