يبدو أن علاقة السلطات بمحمود عباس وبطانته تتجه نحو الأسوأ. قبل أيام أعادت السلطات المصرية جبريل الرجوب المقرب من عباس على الطائرة نفسها التي جاء بها، رغم وجود دعوة له من جامعة الدول العربية. وكيل المخابرات العامة المصرية اعتبر الإرجاع حضاريا وأخف من الاعتقال. بينما هاجم الضميري الناطق باسم أجهزة عباس السلطات المصرية بسبب تصرفاتها الأخيرة.
وتعقيبًا على هذه الأحداث، ذكر خبراء إسرائيليون أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الفلسطيني محمود عباس يمران بـ "مرحلة طلاق دبلوماسي"، واعتبروا أن القاهرة تحاول إجبار عباس على التنحي لصالح خصمه محمد دحلان الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع مصر كما يعتقدون.
وقال الكاتب في موقع "أن آر جي" آساف غيبور: إن شهر العسل الذي ساد بين السيسي ومحمود عباس انتهى، وإنهما يمران اليوم بمرحلة الطلاق الدبلوماسي.
وفي المقابل يتمتع رجال دحلان في غزة وخارجها بتسهيلات للوصول للعين السخنة من خلال معبر رفح، الذي قد يفتح لهم خصيصًا أحيانًا. يقول مراقبون: إن السلطات المصرية تحاول أن تجد بديلًا لعباس في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
في خضم هذه الخصومة المكتومة نسبيًا تتجه مصر إلى تقوية رجال دحلان في غزة وغيرها، على حساب محمود عباس وبطانته، ويربط المراقبون بين فتح معبر رفح في فترات قريبة والتوجه المصري المضاد لعباس وحاشيته.
وتزعم مصادر عبرية أن السيسي أرسل إلى رام الله قائمة سوداء تضم شخصيات فلسطينية غير مرغوب بدخولهم أراضيه، في محاولة من الرئيس المصري للتأثير على مجريات التطورات الفلسطينية، من خلال إعادة دحلان الخصم اللدود لعباس إلى المسرح السياسي الفلسطيني.
الملاحظ أن عباس يتجنب التعليق على هذه التطورات السلبية، لأنه لا يستطيع مواجهة الغضب المصري، ولكنه في الوقت نفسه لا يمكنه قبول مبدأ إعادة دحلان إلى حركة فتح، ومن ثم فهو يعّود نفسه على تحمل جفاء مصر، كما عودها على تحمل جفاء الإمارات المتحدة من قبل، على الرغم من انعكاسات هذا الجفاء على المواطن الفلسطيني.
الطرف الإسرائيلي من جهته يحاول تغذية هذا الجفاء وتلكم الخصومة، وإظهار عباس بأنه لم يعد شريكا في المفاوضات، وأن على (إسرائيل) مفاوضة الدول العربية وعلى رأسها مصر، لإيجاد حلّ إقليمي بعيدًا عن عباس وسياسته التي يحاول من خلالها تدويل القضية الفلسطينية.
عباس يدرك خطورة المرحلة القادمة، ويعي تداعيات الخصومة مع السلطات المصرية لذا هو في حيرة من أمره لا يكاد يجد له مخرجًا من هذا المأزق، رغم مديحه المتكرر للسلطات المصرية. علاقة مصر بعباس هي الآن في أسوأ أحوالها، سواء بسبب دحلان، أو بسبب نتنياهو وتحريضاته المتكررة.