فلسطين أون لاين

بر "ابنتك" بحسن تربيتها وتعليمها ونفقتها

...
غزة/ مريم الشوبكي:

الحقوق بين الآباء والأبناء متوازنة فللآباء حقوق وللأبناء حقوق ولعل التركيز يكون على حقوق الآباء دون الأبناء وذلك للفطرة السوية، وقد وصى الله الأولاد على الآباء في أكثر من موضع في القرآن كقول الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.

ولم يوصِ الآباء بأبنائهم إلا في آية واحدة وهي آية الميراث قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.

بين أستاذ الفقه المقارن في كلية الدعوة الإسلامية د. عبد الباري خلة، أن من حق الأبناء على أبائهم تربيتهم تربية حسنة قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ}.

وأوضح د. خلة لـ"فلسطين" أن من حقهم أيضا التسمية الحسنة، ولا بد من العدل بينهم ولا بد من النفقة عليهم إن كانوا فقراء، قال الله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، وقال الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ».

وذكر أن المطلوب من الأب إعانة ولده على بره؛ وإلا فإنه سيحاسب على عقوقه لولده، كما يحاسب ولده على عقوقه، وعلى الآباء أن يدركوا طبيعة المرحلة التي يعيشها أبناؤهم، ومن الخطأ ادعاء الآباء أنهم الأفهم والأقدر والأصوب، وأن الأبناء على خطأ.

ومن طرق التربية المجدية احترام آراء الأبناء ومشاورتهم، أشار د. خلة إلى أنه لا ينبغي أن يكون هناك استبداد في الرأي، وخاصة في أخذ قرار الزواج فلا ينبغي للأب أن يكره ابنته على الزواج ممن لا تحب ولا ترغب فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ يَرْفَعُ بِي خَسِيسَتَهُ، فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا قَالَتْ فَإِنِّي قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ.

وأكد أن موافقة الفتاة حق شرعي يقدم على موافقة الوالدين؛ مع أن موافقتهما ضرورية، ومن الخطأ ما يفعله بعض الآباء من إكراه البنت على دخول كلية لا ترغبها فهذا نوع من الاستبداد.

وقال د. خلة : " ومن الملاحظ في مجتمعنا أن بعض الآباء لا يركز إلا على آية {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)}، فيجعلها سيفا مصلطاً على الأبناء يحتجون بها متى شاؤوا".

ولفت إلى أنه من خلال ما سبق، يتبين أن الأب مسئول عن ابنته ويجب عليها طاعته لكن بالمعروف، فعن علِيٍّ رضي الله عنه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "... إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوف". رواه البخاري.

وأضاف: " ومما لا شك فيه أن لكل إنسان ما يخصه فلا يجوز لأحد التدخل فيه وإن كان زوجا أو أبا أو أخا ولكن المطلوب من الأب مراقبة ولده من بعيد وترشيده ما يشاهد وما يفعل حتى يستطيع الولد تقبل ما عند الأب وكما قيل إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع".

وأردف د. خلة: "وطالما كانت البنت مستقيمة فلا يضيق عليها في النفقة والحركة والتعليم والتربية".

وأشار إلى أنه يجوز للأب التضييق على ابنته إذا كانت رعناء أو سفيهة أو بلهاء أو قليلة الخبرة فيتدخل الأب في تقييم المسار وتعديله وهذا لصالح الفتاة وأهلها ومجتمعها، وهكذا فإن المسئولية في الإسلام متعددة الجوانب ومن أهمها مسئولية التربية الأسرية وهي من أصعب الجوانب في هذا الزمن خاصة.