الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني ليست فقط فريضة شرعية بل هي ضرورة وطنية، وحاجة مجتمعية، ومطلب حضاري يظهر الوجه المشرق للشعب، وهو أمر لا مفر منه سواء على مستوى الشعب ذاته أو الفصائل أن تتوحد وتتكاتف وتتعاضد.
ويؤكد أستاذ أصول الفقه الإسلامي بكلية الشريعة والقانون أ. د. ماهر الحولي أن الحاجة إلى الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني تشتد في أوقات الشدائد والأزمات ووقت الضنك، مرجعًا ذلك إلى أنها من العوامل التي تساعد الشعب في التغلب على ما يمر به من أزمات.
ويلفت د. الحولي إلى أن تاريخ الشعب الفلسطيني شاهد على أنه في وقت الشدائد يلتجئ إلى بعضه بعضًا، ويتوحد في موقفه، فآمال الشعب الفلسطيني وأهدافه واحدة، إضافة إلى أن آلامهم واحدة.
ويوضح أن عوامل الوحدة في الشعب الفلسطيني عوامل بسيطة وسهلة ويمكن استخدامها للوصول إلى الوحدة الوطنية، فديننا واحد ورسولنا واحد ولغتنا واحدة وأهدافنا وغاياتنا واحدة وعدونا واحد، لذا فلا بد من أن تتجه كل القوى لتوحيد الصفوف.
ومن الأمثلة في تحقيق الوحدة والعمل الجماعي المتمثل في مسيرات العودة وكسر الحصار، فمن خلالها عمل الكل الفلسطيني، لذلك نجحت واستمرت حتى هذه اللحظات، كما يقول أستاذ أصول الفقه الإسلامي.
ويبين أنه في وقت الشدائد يتكاتف الناس مع بعضهم بعضًا، ففي أوقات العدوان يقف الناس مع بعضهم بعضًا، وعلى مستوى العمل في الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، فقد حققت إنجازات يفتخر بها كل أبناء الشعب الفلسطيني، لأنها قهرت العدو وألجمته، وقوّت المقاومة.
ويشدد الحولي على أننا بحاجة إلى أن نتمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، والتمثل بقول الله سبحانه وتعالى: "إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"، وفي آية أخرى: "وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ"، لذلك لا مفر أمامنا من أن نتثمل الوحدة خاصة في هذه الأحوال الصعبة والأزمات والمتلاحقة والشدائد على كل المستويات.
وينبه إلى أنه يجب أن نتمثل الوحدة في البعد الاجتماعي والاقتصادي والصحي والعائلي والعشائري وفي البعد الجهادي والمقاوم، فكلما كان أبناء الشعب الفلسطيني متحدين يحققون الإنجازات والانتصارات تحقيقًا أسرع ورادعًا لكل من تسول له نفسه الاعتداء على مقدرات الشعب الفلسطيني.
ويدعو أستاذ أصول الفقه الإسلامي كل أبناء الشعب الفلسطيني، وشبابه لإيجاد الصور الإبداعية في تعزيز الوحدة وعوامل التكاتف والتكافل فيما بينهم، فكما أبدع الشباب الفلسطيني في مسيرات العودة وكسر الحصار، وكما أبدعوا في قهر العدو، فلا بد لهم أن يبدعوا في إيجاد الوسائل التي من خلالها من الممكن تعزيز معاني الوحدة والتكافل والتكاتف بين أبناء الشعب الفلسطيني.
وفيما يتعلق بجوابه على سؤال "كيف تفسد الشماتة الوحدة؟" يقول: "ورد النهي عن الشماتة في كتاب الله عز وجل "فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ""، مبينًا أن الشماتة تؤدي إلى الحقد والكراهية والنزاع، وهو ما يؤدي إلى الفشل "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ".
لذا من المفترض –وفق قوله- أن نعيش حالة معنوية يساند الكل فيها الكل، والكل يسعى لتثبيت أخيه ودعمه والحديث بالكلام الطيب، بل واختيار الألفاظ والمصطلحات التي تودد الناس في بعضهم بعضًا.
ويستدرك الحولي: "أما أن يشمت بعضنا بعضًا، سواءً على المستوى الفردي أو الجماعي، فهذا منافٍ للقيم والأخلاق، ومضر بالوحدة واللحمة للشعب الفلسطيني، ويخالف العادات والتقاليد التي يتمتع بها الشعب الفلسطيني"، مشددًا على أنه يجب ترسيخ الشعور بالآخر والوقوف إلى جانبه وتعزيز موقفه إذا ما تعرض لأي سوء أو مكروه سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.