فلسطين أون لاين

فلسطين ليست ضعيفة

هل تمثل أوروبا بديلا لعباس وعريقات عن أميركا؟! ما زال عباس وعريقات يقولون إن الأوراق الحقيقية هي في يد أميركا، ويقولون أيضا إن أوروبا تحركت على وقع السياسة الأميركية، ويعترف الأوروبيون أنهم لا يمثلون بديلا عن أميركا في مشكلة الشرق الأوسط، أو قل مشاكل المنطقة برمتها، فأوروبا لم تستطع منع أميركا من الخروج من الاتفاق النووي الجماعي مع إيران، ولم تستطع أوروبا مجتمعة أن تكون ندا لأميركا أو روسيا في سوريا.

أنا أتفهم الحالة الصعبة والمأزومة في العلاقات بين إدارة ترامب والسلطة، ففي عهد هذه الإدارة تراجع موضوع حلّ الدولتين القهقرى، وتخلت عنه أميركا (وإسرائيل) معا، ولم تستطع أوربا أن تفعل شيئا لصالح هذا الحلّ الذي مثل سياستها الجماعية المعلنة؟! وفي ظل إدارة ترامب أيضا اعترفت إدارة ترامب بضم (إسرائيل) للقدس، وأقرت (لإسرائيل) بشرعية الاستيطان، وفيهما مخالفة صادمة للسياسة الأوربية، وللقانون الدولي، ولم تفعل أوربا شيئا، لأنها لا تستطيع من ناحية، ولأنها لا تريد من ناحية ثانية.

باختصار، إن السياسة الفلسطينية فشلت في الرهان على أميركا، وباتت العلاقات الأميركية الفلسطينية في أسوأ أحوالها منذ توقيع اتفاقية أوسلو، وأمام هذا الفشل الذي لا مخرج منه تحاول السلطة إحياء الاعتماد على أوربا، وتتناسى أن أوربا لا تملك أن تحل محل أميركا، وهذا التحليل لا يدعو للتمسك بالدور الأميركي، بل على العكس، هو يؤيد الخروج من الرعاية الأميركية، ويدعو إلى الحذر من استبدالها بالرعاية الأوربية التي هي عاجزة عن القيام بواجبات الضغط على (إسرائيل) لتنفيذ مبدأ حلّ الدولتين، وهو أدنى شيء يطالب به الفلسطينيون. ولكنني أدعو إلى استبدال الرعاية الداخلية بالرعاية الخارجية، فمن استمد قوته من مجتمعه، ومن مقاومته، ومن قدرته على الصبر، ومن ثباته على المبادئ العامة التي تمثل ثوابت الكل الوطني، يكون أقدر على تحريك أوربا وأميركا ودول العالم نحو أهدافه وغاياته. لا يجوز أن تضحي السياسة الفلسطينية الخارجية بأوراق القوة الداخلية، وبالذات أوراق المقاومة بأشكالها المختلفة ، لصالح رجاء أو أمنيات ترتبط بالموقف الأوربي الجماعي.

فلسطين ليست ضعيفة حتى تستجدي رعاية أميركية أو أوربية؟! فلسطين قوية بحقها، وبالقانون، وبالشعب المقاوم، والمصابر، ومن اعتمد على نفسه، كمن حك جلده بظفره، ولا فائدة من سياسة لا تعتمد على قوة الشعب، وقوة الإرادة، فالشعوب هي القادرة فقط على استعادة الحقوق، وهي القادرة على تحريك المجتمع الدولي نحو ما تريده. لا استجداء في السياسة، ولكن فعلك القوي يفرض ما تريد داخليا وخارجيا.