فلسطين أون لاين

التغريبة الفلسطينية عام 2019

أهم الأعمال الفنية التي جسدت النكبة الفلسطينية، مسلسل التغريبة الفلسطينية، ومشهد الخروج الكبير لمئات الآلاف من اللاجئين الهائمين على وجوههم في الغربة، اليوم يتكرر ببعده الوطني والسياسي، لكن هذه المرة، بأيدٍ فلسطينية، ضمن سياسة اتبعتها السلطة ضد كل من شارك أو يشترك في مقاومة الاحتلال.

وهي مرحلة أخرى من مراحل العقوبات التي اتخذتها السلطة ضد عائلات الشهداء والجرحى والأسرى المحررين، بل والأسرى داخل السجون في أسوأ إجراءات تتخذها السلطة ضد المواطنين في غزة والضفة الغربية.

التغريبة الفلسطينية وسط رام الله أبطالها الأسرى المحررون من سجون الاحتلال الذين قطعت السلطة رواتبهم، على الرغم من قضاء بعضهم ما يزيد عن 20 عامًا في سجون الاحتلال، ولم يعد لديهم القدرة على العمل أو أن يجدوا من يوافق على عملهم، بل إن السلطة تطاردهم عبر منع إيصال الأموال لهم، وعزم منحهم ما يعرف بحسن السير والسلوك ومراقبة اتصالاتهم وعائلاتهم، واعتقالهم بين الفترة والأخرى واحتجازهم ، واستدعائهم عند أي عمل مقاوم في الضفة.

سأورد لكم بالتفصيل حالة أحد هؤلاء الأسرى لكن على لسان ابنه، وهو نزيه أبو عون الأسير حاليًا في سجون الاحتلال، يقول ابنه الأسير المحرر إسلام, يستعد والدي الشيخ نزيه أبو عون هذه الأيام من على برشه في سجن مجدو لزفاف ابنته الصغرى  " آية " وهي التي رآها أول مرة وهي في  " المريول" المدرسي وقد ولدت في أطول اعتقالاته . كما غاب عنها لاحقاً في معظم سنوات المدرسة ثم فرحة النجاح بالتوجيهي وسنوات الجامعة والتخرج منها وها هو اليوم الذي تسير فيه في موكب الزفاف في الوقت الذي يسير فيه في ساحة الفورة التي يخبرها منذ عشرين عاماً .

تزوج من أبناء الشيخ حتى الآن ستة ..حضر لـ3 وغاب عن 3 كما لم يشارك في معظم حفلات الخطوبة أو النجاح أو التخرج.

"ومع الإفراج عنه يستقبل والدي قرار قطع راتبه بحجة " معاداة الشرعية" الذي لا يعرف سبب ذلك, خاصة أنه في فترة الانقسام كان في السجن, ولم يداوم في أي وظيفة حكومية أصلاً, على ما في هذه الحجة من سخف .."

لو صرف من الراتب مليون هل سيعادل حشرجة صوته على شباك الزيارة وهو يودع ابنته إلى بيت الزوجية.

هذا نموذج واحد, ولك أن تتخيل حالة الآلاف منهم اليوم، ويسجل هنا حجم التضامن الشعبي مع هؤلاء وخاصة من عائلات الشهداء والجرحى والأسرى، بينما تتجند السلطة وأجهزتها الأمنية والإعلامية وكُتابها لتشويه الأسرى والنيل منهم، وهو ما يجسد الواقع المؤلم أننا أمام سلطة تمعن في قمع الحريات، ومطاردة المقاومة والمقاومين ومعاقبتهم أحياء وأمواتا، وتقاعسها عن دورها الوطني في فضح الاحتلال وممارساته كما الحال مع عائلة السواركة التي أعدمها الاحتلال الشهر الماضي وسط دير البلح، أو الأسير الشهيد سامي أبو دياك الذي أعدمه الاحتلال بدم بارد، ولو عاد أبو صالح بطل التغريبة الفلسطينية وشاهد ما تفعله السلطة في الأبطال لوجد أن المختار أبو عايد وأمين مخزن وكالة الغوث لا زال حاضراً في عام 2019.