أكدت شخصيات قانونية وحكومية وفصائلية أن قطع رواتب الأسرى المحررين ونواب المجلس التشريعي باطل قانوناً، مؤكدين ضرورة إعادة صرف رواتبهم دون أي تأخير من قبل السلطة في رام الله.
جاء ذلك خلال اعتصام نظمته حركة الأحرار، أمس، بنصب خيمة أمام مقر المجلس التشريعي بغزة، شارك فيها المئات من المسؤولين والبرلمانيين والأسرى المحررين، تضامنًا مع الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم.
وقال النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي د. أحمد بحر: "من المؤسف أن يأتي استشهاد الأسير سامي أبو دياك في ظل اقتحام السلطة لخيمة اعتصام الأسرى المحررين الذين يطالبون بحقهم الوطني والديني والشرعي المتمثل في رواتبهم ويفضه بالقوة والضرب والاعتقال".
وحمل الاحتلال الإسرائيلي المجرم الجريمة النكراء بحق الشهيد الأسير سامي أبو دياك نتيجة الإهمال الطبي المتعمد ليصبح عدد شهداء الحركة الأسيرة 222 أسيرًا".
وطالب بحر جميع المؤسسات الفلسطينية والدولية الحقوقية والأمم المتحدة بمقاضاة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وأسراه أمام المحاكم الدولية لتأخذ العدالة مجراها.
وأضاف: "هكذا يتجرؤون على الأسرى المحررين الذين قدموا زهرات حياتهم في سبيل الوطن، وقطع رواتب نواب المجلس بقرار من رئيس السلطة محمود عباس عن طريق المحكمة الدستورية".
وأكد عدم قانونية تشكيل المحكمة الدستورية وبطلان قرارها بحل المجلس "كما لا يحق للرئيس ذلك، لذا فقطع رواتب النواب اعتداء صارخ على مؤسسة منتخبة من محكمة باطلة ورئيس انتهت ولايته في يناير 2009".
ومضى بالقول: "نحن أمام تحد يتمثل بشرعنة (إسرائيل) فالولايات المتحدة الأمريكية تدعم نتنياهو سياسيَّا بتشريع الاستيطان في الأراضي المحتلة عام 67، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وإعلان المدينة المقدسة عاصمة لدولة الاحتلال"، مؤكدًا أن تلك السياسة لن تفلح في رفع نتنياهو "وسيسقط هو وغريمه غانتس".
وتابع: "المؤامرات المتتالية لن تفت في عضد الشعب الفلسطينية ومقاومته، ولن تؤثر على وحدته".
الإهمال الطبي
من جانبه أبدى وكيل وزارة الأسرى والمحررين بهاء الدين المدهون أسفه لاجتماع قهر الاحتلال للأسرى وإهمالهم طبيَّا مع قمع السلطة للمحررين المضربين منهم في رام الله، قائلاً: "هذه أدوار تكاملية في ملاحقة المقاومة والمقاومين ومحاولة إسكات صوتهم".
وأضاف: "جميع المؤسسات الدولية صمتت، في تواطؤ مع الاحتلال، عن معاناة الشهيد أبو دياك الذي طلب أن يموت في حضن أمه، فيما يدوس العدو على كل القوانين أمام مرأى العالم".
وأوضح أن "أبو دياك" أمضى (17) عامًا في الأسر من أصل ثلاثة مؤبدات، ودخل الأسر بكامل صحته ثم غزت الأمراض جسده، حيث أصيب بالسرطان وعانى منه حتى استشهاده نتيجة سياسة "القتل البطيء" التي راح ضحيتها نحو (80) أسيرًا.
وأضاف: "الشهيد أبو دياك اجتمعت عليه ظلمات السجن والمرض والقهر والسادية التي يمارسها الاحتلال بحق الأسرى وظلم ذوي القربي بصمت السلطة الفلسطينية عن معاناته ومعاناة زملائه".
وشدد على أن السلطة لم تحرك ساكنًا نصرة "لأبو دياك" في المحافل الدولية، "مما يجعلنا نؤمن بأن الأسرى لا يمكن أن يحرروا إلا عن طريق فصائل المقاومة وجهودها".
المحاسبة الدولية
و قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة إن سياسة الاحتلال بحق الأسرى إنْ استمرت بعيداً عن المحاسبة الدولية فسنجد أنفسنا أمام مزيد من شهداء الحركة الأسيرة.
وتابع: "المطلوب كما توحدت الحركة الأسيرة بمواجهة السجان أن تأخذ السلطة الفلسطينية خطوات لوضع قضية الأسرى أمام محكمة الجنايات".
وتساءل بأي حق يقطع راتب عضو مجلس "تشريعي"، وأسير محرر أو حتى موظف فلسطيني؟ ولماذا يستخدم المال العام في تصفية الحسابات السياسية مع الفصائل وأعضاء التشريعي والأسرى المحررين؟.
وقال: "كيف يمكن أن نتحدث عن تعزيز الوحدة الوطنية في ظل إجراءات السلطة التي تتناقض مع القيم والمبادئ الإنسانية كافة؟ واهم مَن يعتقد أن هذه السياسة ستفلح كما لم تفلح الإجراءات العقابية مع شعبينا في غزة لن تفلح هذه السياسة".
وأدان ما أقدمت عليه أجهزة أمن السلطة باقتحام خيمة اعتصام الأسرى المحررين، مطالبا بمحاسبة مَنْ ارتكبوا هذا الاعتداء ووقف سياسة الاعتداء على الحقوق الوظيفية وإعادة الرواتب لمستحقيها ووقف استخدام المال العام في تصفية الحسابات السياسية والمناضلين من أبناء شعبنا.
وقال القيادي في حركة الأحرار معاوية الصوفي إن خبر فض الاعتصام "جاء كالصاعقة على أبناء الشعب الفلسطيني، كنا نتمنى أن يكون هناك توافق بين السلطة والأسرى المقطوعة رواتبهم الذين أفنوا زهرات أعمارهم في سجون الاحتلال".
وتساءل "بأي قانون يقطع رواتب نواب المجلس التشريعي الذين يقرون الموازنة ويصوتون على الحكومة وهم رأس الشرعية؟"، مبديًا أسفه لتعامل السلطة مع النواب والأسرى المحررين بعنجهية كما فعلت في فض اعتصامهم.
وأضاف: "السلطة ورئيسها يدعون لغضب في الضفة الغربية ضد القرارات الأمريكية بخصوص الاستيطان فيما صبوا غضبهم تجاه الأسرى المحررين والنواب في تناقض واضح في سياساتهم وخدمة مجانية للاحتلال".
وتابع: "يجب أن نتكاتف من أجل نصرة الأسرى المقطوعة رواتبهم فنشجب ونستنكر الاعتداء الآثم عليهم"، مشيرًا إلى أن النواب المنتخبين يجب على السلطة توفير حياة كريمة لهم.
جريمة جديدة
بدوره، قال ياسر مزهر من مؤسسة "مهجة القدس": "هذه جريمة تضاف لجرائم السلطة بحق الأسرى، فالجريمة الأولى قطع رواتبهم، والثانية اقتحام خيمة الاعتصام التي لجأ إليها المحررون للمطالبة بعودة رواتب عدد كبير منهم في الضفة وغزة"، مشددًا على وجوب إعادتها.
وتابع: "هذه الخيمة التي بات فيها الأسرى لأكثر من شهر، وأضربوا عن الطعام لنحو عشرين يومًا جاءت بهدف توصيل رسالة للسلطة الفلسطينية بأن راتبهم حق وليس منة، ولا يجوز لرئيس السلطة محمود عباس ولا لرئيس حكومته محمد اشتية قطع رواتبهم وفقاً للقانون الفلسطيني".
وأضاف: "اليوم يعاقب الأسرى على انتمائهم لفلسطين ومقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي بقطع رواتبهم (...) السلطة تتعامل مع الأسير المحرر وفقًا لسياسة الباب الدوار حيث يتنقلون بين سجون السلطة والاحتلال".
تصرف همجي
أما المتحدث باسم حركة المجاهدين يوسف خريس، فعد مداهمة خيمة الاعتصام والاعتداء على المحررين "تصرفا همجيا، إذ كان عليها الاستجابة لمطالب من قضوا سنوات عمرهم لأجل فلسطين، وصرف رواتبهم فهم يدفعون ضريبة مقاومتهم للمحتل واليوم يعانون من سياسة السلطة الوحشية التي تتماشى مع سياسة المحتل".
وطالب السلطة والمؤسسات الحقوقية بالعمل الجاد لإعادة حقوق الأسرى وصرف مستحقاتهم "فهي حق لهم دون أن يضطروا لطلبها".
وأضاف خريس: "يفترض بالسلطة تكريم هؤلاء لا أن تعاقبهم، ولماذا تعاقبهم السلطة بهذا الأسلوب؟ ألا يخدم ذلك سياسة الاحتلال وأهدافه فهو من طلب مرارًا قطع رواتبهم (...) ينبغي على السلطة وقف التنسيق الأمني والتعامل بشكل أفضل مع الأسرى".
تناقض
بدوره, قال عضو مجلس إدارة رابطة الأسرى والمحررين، الأسير المحرر مصباح عبد ربه: "اعتداء السلطة على الأسرى المحررين يتناقض مع ادعاء محمود عباس بأنه لن يقطع رواتبهم لو بقي قرش واحد في ميزانية السلطة".
وأضاف: "منذ أربعين يومًا والأسرى المحررون يضربون في خيمتهم إلى أن اقتحمت بعنف لنفاجأ بأن عناصر السلطة الأمنية هي مَنْ فعلت لا الاحتلال، فبدلًا من أن تتضامن مع الأسرى وتتحرك لنصرتهم تعاقبهم".
وطالب عبدربه رئيس السلطة بإعادة رواتب الأسرى والمحررين وذوي الشهداء والجرحى "فهي حق شرعي لهم وليس منة منه".
في الإطار نفسه، دعا للضغط على المجتمع الدولي لإنقاذ الأسرى من سياسة الإهمال الطبي، وذلك غداة استشهاد الأسير سامي أبو دياك، أمس.
وأكد أن الأسرى يتعرضون لحملة إسرائيلية شرسة غير مسبوقة في ظل تطبيع عربي وصمت دولي، "يواجهون المحتل منفردين سوى من دعم الشعب الفلسطيني لهم".