يقوم اليمين الإسرائيلي الذي يسيطر بإحكام على مراكز صنع القرار لدى الاحتلال بحملة شعواء لا هوادة فيها لتغيير القوانين بما ينسجم مع هدف تحويلها إلى دولة يهودية أولا، وديمقراطية ثانيا، أي بعبارة أخرى أن تكون ديمقراطية الدولة تابعة وخاضعة ليهوديتها وليس العكس.
فالتحريض العنصري الذي وصل حد إهدار دم نواب الداخل الفلسطيني، الصادر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان ووصفهم بـ «الطابور الخامس» و «الإرهابيين» و «الساعين الى تدمير (إسرائيل)» وقيام نتنياهو بالتحريض المتواصل ضد إقامة حكومة إسرائيلية جديدة تستند الى دعم نواب الداخل الفلسطيني، يؤكد مجددا ان الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة ديمقراطية زائفة تتعامل مع المواطنين الفلسطينيين في الداخل والذين يشكلون اكثر من ٢٠٪ من السكان داخل دولة الاحتلال، وفرضت عليهم المواطنة الإسرائيلية، على انهم مواطنون من الدرجة الثالثة بعد الشرقيين الذين يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، كما يؤكد أن كل دعوات المسؤولين الإسرائيليين لما يصفونه بدمج المواطنين العرب بالمجتمع الإسرائيلي هي مجرد شعارات تستهدف تحسين صورة (إسرائيل) وإظهارها بمظهر الدولة الديمقراطية.
ولا يقتصر الأمر على حزبي الليكود و «إسرائيل بيتنا» بل انه يطال أيضا ما يسمى بحزب الوسط «أزرق ابيض» بزعامة بني غانتس الذي «خجل» طوال ال ٢٨يوما التي حاول فيها تشكيل حكومة جديدة من التصريح بأنه يجري اتصالات مع القائمة العربية المشتركة لدعمه في مواجهة نتنياهو لأنه يدرك أن الجو العام في (إسرائيل) مناهض لفلسطينيي الداخل وللنواب العرب لا لشيء سوى تمسكهم بانتمائهم العربي الفلسطيني ومناهضتهم للعنصرية وللاحتلال.
ومن هنا يمكننا فهم المطالبات الحثيثة لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو بضرورة اعتراف الفلسطينيين بـ(إسرائيل) كدولة يهودية، وهو ما يرفضه الفلسطينيون بكل حزم كونه يحمل بذور ترحيل يقارب مليوني فلسطيني يحملون المواطنة الإسرائيلية. وبذلك تكون الغالبية الساحقة في المجتمع الإسرائيلي وحلبته السياسية تتبنى موقفا عنصريا تجاه مواطني الداخل الفلسطيني ونوابهم، مع كل ما يعنيه ذلك من غياب المساواة بين المواطنين والاجحاف بحقوق الفلسطينيين.
لعل أكبر دليل على عنصرية المجتمع الاسرائيلي تجاه العرب ان ما ظهر في الحملتين الانتخابيتين في نيسان وأيلول الماضيين وبعدهما قد أظهر هذه العنصرية بأجلى صورها وأسقط القناع عن وجه (إسرائيل) الحقيقي والبشع التي حاولت الظهور أمام العالم بمظهر الدولة الديمقراطية المتحضرة، رغم أنها حاولت على مدى العقود الماضية إخفاء هذه العنصرية سواء عبر قوانينها وتشريعاتها أو ممارساتها في مختلف مجالات الحياة، وبالتالي على فلسطينيي الداخل أن يعيدوا النظر في مدى جدوى مشاركتهم في الانتخابات الإسرائيلية على ضوء نزع الشرعية عنهم وإقصائهم واستمرار التحريض السافر ضدهم، والبحث عن آليات أخرى لانتزاع حقوقهم؟!
لقد حان الوقت إزاء هذه الحقائق البشعة التي يعترف بها نتنياهو وليبرمان وحزباهما على الملأ أن يستخلص فلسطينيو الداخل بشكل عام وأعضاء القائمة العربية بشكل خاص الدروس والعبر في كل ما جرى وأول هذه الدروس أن لا مكان لنواب فلسطينيي الداخل في الحلبة السياسية الصهيونية وأن أي رهان على حزب صهيوني هو رهان خاسر وفي أفضل الأحوال إعطاء الفرصة لهذا الحزب الصهيوني أو ذاك لاستغلال نواب فلسطينيي الداخل في معاركهم الانتخابية وفي تنافسهم على تشكيل الحكومة.