يرى محللان سياسيان أن تكثيف وسائل الإعلام حديثها عن التطبيع مع دول خليجية يحمل أبعادًا دعائية سياسية لإظهار كفاءة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بمواجهة خصومه السياسيين، منبهين في الوقت ذاته إلى أن هذا التطبيع الذي لم يعدْ سريَّا وإنما يحمل أبعادًا تاريخية، وتوظفه الإدارة الأمريكية الآن لخدمة مشروع تصفية القضية الفلسطينية.
ويعتقد المحلل السياسي حاتم أبو زايدة أن إسهاب المسؤولين الإسرائيليين في سرد حجم ومستوى التطبيع غير المسبوق مع دول خليجية فيه مبالغة خدمة لحسابات سياسية داخلية سيما في السنوات الثلاثة الأخيرة.
وقال: "في الحقيقة هناك تطبيع استخباري وسري عمره مع بعض الدول الخليجية عقدان أو أكثر من الزمن كالسعودية والإمارات، وتطبيع مع دول أخرى ظهر في السنوات الأخيرة لمواجهة ما تسميه تلك الأنظمة و(إسرائيل) الخطر الإيراني في المنطقة".
وأوضح أن تضخيم العلاقات الإسرائيلية الخليجية جاء خدمة لأهداف وظيفية فهي لم تصل لمحلة التطبيع الكامل بل تقتصر على مجالات معينة سياسية بمستوى قيادي، وأمنية كتدريب(إسرائيل) لحراس "حقول النفط"، والتعاون في مجال التجسس الذي تحتاجه تلك الدول لمواجهة وقمع المعارضة، أما الشعوب وثقافتها ووعيها فلم يتأثروا.
ولفت أبو زايدة إلى أهداف متعلقة بشخصية نتنياهو الذي يريد أن يكرس نفسه كقائد تاريخي لـ"اليمين الإسرائيلي"، فيسوق للجمهور التطبيع مع العرب كمنجز تاريخي بإخضاع الدول المحيطة بـ(إسرائيل) وجعلها تلهث وراء خدماتها الأمنية والسياسية دون أن يقدم أي تنازل على صعيد القضية الفلسطينية.
وقال: "يسوق نتنياهو أنه ابتز الإدارة الأمريكية وأنهى مشروع التسوية وتخلص من اتفاق أوسلو، وحل الدولتين، في وقت تحيط به فضائح الفساد وهو ما جعله يبالغ في مستوى هذا التطبيع خدمة لأهداف داخلية وتعزيزًا لموقعه كزعيم يميني استطاع تأمين (إسرائيل) كدولة عابرة للحدود، لا بديل لها عنه وستدخل في أزمة قيادة بدونه".
ونبه أبو زايدة إلى أن هذا التطبيع إلى جانب الانقسام الداخلي الفلسطيني، وتبعية السلطة المطلقة للاحتلال تمهد الطريق لتنفيذ مخطط "صفقة القرن" القائم على ضم (60%) من الضفة الغربية المحتلة وأسرلة القدس، وتشديد الحصار على قطاع غزة.
وبين أن ذلك يتيح تنفيذ خطط الاحتلال المستقبلية القائمة على ضم غور الأردن والمستوطنات بالضفة، والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى على أساس أن العرب ليسوا مهتمين بالقضية الفلسطينية مما يشجع اليمين الإسرائيلي على تنفيذ مشروعه "التوراتي الصهيوني" في الضفة والقدس.
أرض خصبة
من جانبه، أكد المحلل السياسي أحمد سعيد أن التطبيع الإسرائيلي – الخليجي كان يتم من تحت الطاولة، لكنه في العامين الماضيين بات معلنًا.
ورأى أن تكثيف الحديث عن التطبيع في وسائل الإعلام الإسرائيلية يُراد منه التأكيد على أن الشرق الأوسط أضحى أرضًا خصبة لتحقيق آمال وطموحات (إسرائيل) ومخططاتها السياسية والاقتصادية، ولتؤكد لخصومها قدرتها على إقامة علاقات قوية مع الدول الإقليمية المحيطة لتكون سندًا لها بمواجهتهم.
وقال سعيد: "لا تعد تلك العلاقات إنجازًا شخصيَّا لنتنياهو، بل أمر تم هندسته منذ فترة طويلة كان ينقصه الإعلان فقط، لذلك فالإعلان عنه في هذا الوقت يهدف للتأكيد بأن نتنياهو ليس شخصية عسكرية فقط بل أيضًا سياسية ودبلوماسية جعلت كل دول الخليج قريبة منه، وذلك في إطار التنافس مع زعيم أزرق-أبيض بيني غانتس".
وأكد أن (إسرائيل) تعيش أفضل لحظاتها يتجلى ذلك في الصمت العربي المطبق على مجازرها بحق الفلسطينيين، لذلك الفلسطينيون هم المتضرر الأكبر من التطبيع الإسرائيلي – الخليجي حيث تغض تلك الدول الطرف عن جرائم (إسرائيل) بل تساندها وتدعمها.
وذهب إلى القول: "(إسرائيل) مستفيدة من تلك العلاقات ليس سياسيَّا وإعلاميَّا فحسب وإنما اقتصاديَّا كذلك".
وأضاف: "ذلك سيجعل أي مشاريع سياسية للإدارة الأمريكية تخدم مصلحة (إسرائيل) غير مرفوضة خليجيَّا، وهناك تسريبات بأن بعض الدول على علم بأدق تفاصيل صفقة القرن، ومؤيدة لها، فهذا التطبيع أرض خصبة لأي مشروع سياسي يتبناه ترامب وإدارته".