يبدو أننا أمام تأجيل مؤكد للانتخابات، أو أمام انقسام بين مكونات فتح. ناصر القدوة يقول في تصريح واضح : إن فتح غير جاهزة للانتخابات، وإن فتح لم تجتمع لاختيار مرشحها للرئاسة، وعباس ربما لا يكون المرشح الوحيد. نستفيد من هذا أن قرار الانتخابات ما يزال في المنطقة الرمادية، بين المضي في إجرائها وعدمه. حسين الشيخ يزعم أن عباس هو مرشح فتح الوحيد للرئاسة، وناصر القدوة لا يرى ذلك، ويعيد الكرة في اختيار المرشح لحركة فتح التي لم تجتمع للتصويت على هذا الموضوع.
هل يوجد مؤيدون لناصر القدوة فيما صرح به؟! الإجابة نعم. وربما منهم جبريل الرجوب، وثمة احتمال أن يتمنع عباس عن ترشيح نفسه وفاء بوعد سابق قطعه على نفسه، عندها ستكون فتح مضطرة للبحث عن مرشح جديد، وربما يكون هذا المرشح هو ناصر القدوة نفسه. هل ستمنح الانتخابات فتح فرصة للتوحد في مواجهة حماس، أم أنها ستؤثر على تماسك فتح، بما يسمح بوجود تنازع مؤسف، تحكي بعض القراءات مؤشراته؟
نترك الرئاسة، ونعود للانتخابات نفسها وهل ستجرى قريبا في مطلع عام 2020م، أم أن فتح في حاجة لمزيد من الوقت لإعداد نفسها، كما يقول ناصر القدوة، الذي أضاف أن المصالحة والوحدة الوطنية يجب أن تسبقا الانتخابات، والانتخابات ليست رافعة للمصالحة والوحدة، وأنا معه في هذا القول، وقد كتبت في مقالات سابقة أن الانتخابات هي بطبيعتها تؤدي لانقسام، واستغربت من قرار الرئاسة إجراء انتخابات قبل المصالحة! وقد طالبت الجبهة الشعبية بالمصالحة قبل الانتخابات، وقال الجهاد الإسلامي إن الانتخابات ليست رافعة للانقسام والوحدة؟!
مما تقدم يمكن القول إن المجتمع الفلسطيني والفصائلي منقسم على نفسه حول أولوية الانتخابات، أو المصالحة وإزالة آثار الانقسام؟! وهذا الانقسام ربما يضبب المسألة الانتخابية، أو يجعلها قيد التأجيل، لا سيما أن الواقع اللوجستي القائم حاليا في غزة والضفة يحتاج إلى علاج قبل الانتخابات.
ويغلب على ظني أن طرح محمود عباس الانتخابات لم يكن طرحا مدروسا، أو طرحا يمثل غاية في نفسه، ولكن الرصاصة خرجت، ولجنة الانتخابات قالت إنها جاهزة فنيا، فهل المجتمع ذاهب للانتخابات، أم أن الأحوال السياسية تقول بالتأجيل، لا سيما وأن الأغوار مهددة بالمصادرة، والسلطة والشعب يخوضان معركة مع الاستيطان؟!