حالة من الفوضى السياسية تعيشها دولة الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الراهن، يقودها رئيس حكومتها المؤقت بنيامين نتنياهو الذي بات مصيره السياسي "على المحكّ"، كونه يكتوي بنار الاتهامات بالاحتيال والرشوة.
وقرر المستشار القضائي لحكومة الاحتلال أفيخاي مندلبليت، توجيه اتهامات لنتنياهو في ثلاث قضايا فساد. وبحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن الاتهام يأتي بعد جلسات استماع استغرقت أربعة أيام بمشاركة فريق الدفاع عن نتنياهو الشهر الماضي، وأعقبها مداولات مكثفة في مكتب المدّعي العام.
وتزامن ذلك مع إعلان زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، عدم قدرته على تشكيل حكومة، وإعادة التفويض بتشكيلها إلى رئيس الدولة، وفق ما ذكرت القناة (13) العبرية.
وإزاء هذه الأحداث المتسارعة في الساحة السياسية الإسرائيلية، يبقى السؤال المطروح هل ستكون دولة الاحتلال على موعد مع جولة انتخابات ثالثة؟ وما هو مستقبل نتنياهو السياسي بعد توجيه اتهامات الفساد له؟
أزمة كبيرة
الباحث في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، يقول: إن (اسرائيل) تعيش أزمة سياسية كبيرة في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن توجيه الاتهامات لنتنياهو سيزيد حجم الانقسام الداخلي لديها.
ويرى أبو عواد في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن "اليمين" لن يتخلى عن نتنياهو، فهو صمام الأمان لحزب "الليكود"، ولا يوجد بديل عنه، وهو ما يعني إطالة أمد الأزمة في الساحة الإسرائيلية.
ويوضح أن أحزاب المُعارضة وغانتس سيستغلون تلك الأوضاع للعب على وتر لائحة الاتهام ضد نتنياهو، في محاولة لطرده من الحياة السياسية، أو التأثير على بعض الأطراف للانضمام لهم.
ويشير إلى أن المستقبل السياسي ستحكمه الانتخابات القادمة إذا حدثت، موضحا أنه إذا حقق اليمين ونتنياهو نسبة معقولة من المقاعد المرة القادمة، ربما سيبقى نتنياهو مستمراً في الحكومة حتى في ظل لائحة الاتهام.
ويصف الوضع السياسي في دولة الاحتلال بأنه "يمر بأزمة سياسية عميقة، ويشوبه القتامة، سيّما أن حجم الصراع يزيد في المرحلة القادمة"، مُرجحاً أن تبقى حالة الخوف ملاصقة للسياسيين خشية انتقال حالة الصراع الداخلي إلى الشارع.
انقسامات
ولم يختلف رأي الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي، عن سابقه، حيث يرى أن يتم خلال الفترة القادمة خلق تحالفات خارج منظومة الأحزاب، أي أن يذهب حزبا الليكود و"أزرق أبيض" إلى خلق تخلخل داخلي بتشكيل كل حزب "معسكرا خاصا له".
ويعتقد الريماوي في حديث لـ"فلسطين"، أن يكون هناك حراك في الليكود لإضعاف نتنياهو "لكنه لن يكون كبيراً كما يجب"، مشيراً إلى أن الخيارات حالياً محصورة ما بين الانتخابات الثالثة، وهو الأرجح، أو القدرة على شق جزء من اليمين أو الليكود.
ويرى أن كل ما ذُكر سابقاً يُعبر عن ضعف البنية السياسية لدى الاحتلال، وضعف المعسكرات في إقناع المجتمع الإسرائيلي أنها المناسبة، مضيفاً أنه رغم سيطرة اليمين إلا أنه غير قادر على إيجاد صيغة موحدة في مسألة شكل الحكومة والاتفاق على زعيم له.
ويتوقع بقاء نتنياهو رئيساً لليكود في الانتخابات القادمة "لكنه سيكون ضعيفاً وسيخسر عدداً من المقاعد، وهذا يُعطينا يقينا أن عهد نتنياهو السياسي قد ولّى".
وعن السيناريوهات المتوقعة من نتنياهو الفترة القادمة، يقول الريماوي: إن خيارات نتنياهو ضعيفة وهو ما سيُعمق الأزمة لديه.
واستبعد أن يقدم نتنياهو على اتخاذ خطوات استراتيجية مثل الحرب، إنما قد يكون هناك تصعيد بعض الشيء لبضعة أيام، لافتاً إلى أنه يُدير المعركة مع قطاع غزة على شكل تصعيدات، من أجل إيجاد قدرة على المناورة.
وختم حديثه، بأن "مستقبل نتنياهو إلى السجن، وفق ما أظهرته لوائح الاتهام الموجهة ضده".
وبالعودة إلى أبو عواد، فإنه استبعد خيار خوض حربٍ ضد قطاع غزة، لكّنه توّقع أن يبقى نتنياهو يناور كرئيس للوزراء حتى الانتخابات القادمة، التي ستكون الحاسمة بالنسبة لمستقبله السياسي.