تسع إدارات أميركية قبل إدارة ترامب عدّت المستوطنات في الأراضي الفلسطينية غير شرعية، وغير قانونية. إدارة ترامب الأولى التي قلبت ظهر المجن للقانون الدولي، وللفلسطينيين، بِعَدّها المستوطنات عملا قانونيا! وهي بهذا تضع نهاية بائسة لمشروع حلّ الدولتين، ولآلية المفاوضات، ولما تسمى فلسطينيا الوساطة الأمريكية؟!
انتهى كل شيء جاءت به اتفاقية أوسلو، ولم يعد أحد في العالم يثق بالتزام أميركا أو (إسرائيل) بالقانون الدولي، وتجريد المسألة على هذا النحو قالته واشنطن بوست، وغيرها من الصحف الدولية. نحن أمام دولة احتلال، وأمام دولة عظمى تؤيد الاحتلال، وتشرّع له ما لم يشرّعه القانون الدولي. لذا لا غرابة أن يبدأ نتنياهو بتكليف الجهات المختصة في حكومته بالبدء بضم الأغوار الفلسطينية.
ربما لم تكن السلطة تتوقع هذا الموقف الصادم والشاذ من الإدارة الأميركية، ولكن ما لم يكن متوقعا صار واقعا بقوة أميركا (وإسرائيل)، والمؤسف أن السلطة تختفي خلف المأساة بزعم المالكي أن الموقف الأميركي لا يؤثر قانونيا في عدم شرعية الاستيطان؟! ونحن نعلم هذا، ولكن المسألة القائمة الآن ليست مسألة قانونية، ومغالبتها قانونيا لا قيمة لها. المسألة الآن واقعية، أرض محتلة تضمها (إسرائيل) لنفسها، بقوة التأييد الأميركي، في مقابل عجز فلسطيني وعربي!
إن مثلنا مع القانون مثل القائل قديما:( أوسعته شتما، وذهب بالإبل!). نحن نرحب باجتماع جامعة الدول العربية، وباجتماع مجلس الأمن، وباجتماع منظمة التعاون الإسلامي لحقا، ونرحب بالتوجه للجنائية الدولية لمقاضاة بومبيو! كل هذا نرحب به، ولكن ما هي النتائج المتوقعة؟! وما تأثيرها على أرض الواقع في الضفة والقدس والأغوار؟! نعم، إنه لا أكثر من أوسعته شتما بالقانون والاجتماعات، وذهب بالإبل!
عشرون مرة يطلب عباس -بحسب قوله هو- اللقاء مع نتنياهو، والأخير يرفض! عشرون طلبا فاشلا للقاء لم يستخرج منها عباس موقفا؟! نتنياهو لم يجد موضوعا مهما يستحق النقاش مع عباس، وعباس ينتظر حتى ضاعت القدس بقرار أميركي، وها هي الضفة والأغوار على طريق الضياع، وعباس يبحث عن لقاء مع نتنياهو!
إذا أردت يا سيادة الرئيس أن تلتقي نتنياهو بطلب منه وقتما تريد فأطلق يد المقاومة التي قمعتها وصادرت أسلحتها للتعامل مع المستوطنين والمستوطنات، وعندها سيطلبك نتنياهو، ولن يكون هناك ضم للمستوطنات، ولن يكون الفلسطيني هو الخاسر الأكبر في التاريخ الحديث كما قالت واشنطن بوست! وإن لم تفعل فانتظر وحيدا!
نعم، الفلسطينيون هم الخاسر الأكبر والوحيد أيضا، بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وبعد تقبل الوساطة الأميركية، وبعد السير في مفاوضات عبثية لعشرات السنين. والإدارة الأميركية ثبت أنها لم تكن في وساطة نزيهة على مدى تسع إدارات أميركية! وحين تكون فلسطين هي الخاسر الأكبر، تكون (تل أبيب) هي الكاسب الأكبر والوحيد! في هذه الحالة ماذا نعمل يا سلطة؟!