أثارت حالة التقارب والزيارات المتبادلة التي حدثت مؤخراً بين قيادتي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، عقب العدوان الأخير على قطاع غزة الأسبوع الماضي، حفيظة المستوى القيادي السياسي والإعلامي والأمني لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وعكست زيارة قادة حركة حماس برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، لبيت عزاء الشهيد القائد في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، الذي اغتالته طائرات الاحتلال فجر الثلاثاء الماضي، حالةً من القلق نتيجة ما أسمته أوساط إسرائيلية "تسارعا في تعميق التعاون بين الطرفين في القضايا المدنية والعسكرية".
وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أن هناك قلقاً إسرائيلياً متزايداً نتيجة ارتفاع وتيرة التعاون بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة وإرسال رسائل الوحدة والمصالحة، مستشهدة بمهاتفة هنية الأمين العام لحركة الجهاد زياد النخالة، واتفاق الطرفين على ما قالت عنه الصحيفة العبرية "تعميق التعاون بينهما".
ويتفق قياديون من الحركتين ومحلل سياسي، على أن حالة الوعي لدى الحركتين على مستوى القيادة والقواعد، فضلا عن وحدة الدم والهدف، ساهم بشكل إيجابي في "قلب السحر على الساحر" ضد مخططات الاحتلال الذي سعى لتفتيت وحدة المقاومة أثناء العدوان الأخير.
المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم، أكد أن الحركة الوطنية والمقاومة، وتحديداً حركتا حماس والجهاد الإسلامي، أصبحت محصنة بما لديها من وعي وقوة كفيلة بإفشال أي مشروع أو مخطط إسرائيلي ينال من صلابة المقاومة وسلامة منهجها.
وأشار برهوم لصحيفة "فسطين" إلى أن الاحتلال يحاول بكل أدواته الأمنية والعسكرية والإعلامية، وبدعم من المشاريع الصهيوأمريكية، تغييب الأمة العربية والإسلامية وتفتيتها والاستفراد بأحد مكوناتها، وصناعة أعداء جدد بعيداً عن العدو الأساسي لها.
تنسيق مستمر ومتطور
وأوضح أن التنسيق بين الحركتين لم ينقطع، وأنه في أعلى مستوياته السياسية والأمنية والإعلامية؛ لتشكيل حالة مقاومة قادرة على تحديد المسار الصحيح نحو التحرير.
وحول زعم قادة الاحتلال وإعلامه بأنه خلال عدوان الأسبوع الماضي كان يستهدف حركة الجهاد الإسلامي فقط أفاد برهوم بأن هذه المحاولة البائسة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة للاستفراد والعزل، مؤكداً أن الاحتلال أخفق في شق الصف الفلسطيني وأن هناك معادلات لم ولن يفهمها؛ كون الحالة الفلسطينية مختلفة ويوحدها العدوان والدم والمقاومة.
وشدد برهوم على أن ما جرى من عدوان ومحاولة لبث بذور الفرقة بين فصائل المقاومة سيكون حافزا لتمتين العلاقة بين الحركتين وتعزيزها، بما يضمن مقاومة ومواجهة موحدة في الصراع مع الاحتلال.
واعتبر علاقة حركته بالجهاد الإسلامي استراتيجية ومتطورة ولن تتغير، مشيراً إلى أن حركته تسعى لجعل هذه العلاقة تحدياً كبيراً أمام الاحتلال؛ بحيث يصعب عليه كسرها أو تشويهها.
أقلام مأجورة
بدوره، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل: إن ما حدث خلال جولة العدوان الأخير أكد فشل الاحتلال ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو في بث الفرقة بين فصائل المقاومة ولاسيما بين حماس والجهاد الإسلامي.
ولفت المدلل لصحيفة "فلسطين"، إلى أن تداعيات عدوان الأسبوع الماضي زادت من وتيرة التنسيق واللقاءات مع حركة حماس وبقية فصائل المقاومة التي يجمعها حماية أبناء الشعب الفلسطيني وتحرير أرضه، مشددا على أن المعركة مع الاحتلال مفتوحة ولم تنتهِ، وأن "المعركة القادمة معه ستكون ضارية كما أوصى الشهيد أبو العطا"، لذلك فهي بحاجة للوحدة.
وحول انجرار بعض الأقلام المأجورة والصفحات الصفراء لتغذية الفتنة والفرقة، أكد المدلل أن هذه المحاولات باءت بالفشل ولم تصل لمبتغاها، وأن حركته لم تعطها اهتماما كبيرا في ظل ما عكسته حالة الوعي ووحدة المقاومة بين الحركتين الكبيرتين.
وطالب النشطاءَ والمدونين وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، بتحري الدقة والحرص في تناول شأن المقاومة والجبهة الداخلية، مشدداً على ضرورة الدفع باتجاه تمتين وتقوية العلاقة بين جميع مكونات الشعب الفلسطيني في هذه الأوقات.
وأشار إلى أن حركته تقف على أرضية صلبة وبتوافق مستمر مع حركة حماس وبقية فصائل المقاومة حول الكثير من الملفات على صعيد الصراع مع الاحتلال والمصالحة والحوار الوطني الشامل والانتخابات، رغم بعض الاجتهادات السياسية المختلفة التي لن تضر العلاقة بين مكونات الكل الفلسطيني.
دراسة وتقويم
من جانبه، ذكر الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني أن حالة الوحدة التي تجسدت أيام العدوان الأسبوع الماضي في غرفة العمليات المشتركة لا تروق للاحتلال، لافتا إلى أن العالم يمكن أن يتعاطى معها كعنوان سياسي وعسكري مهم في المرحلة القادمة.
وقال الدجني لصحيفة "فلسطين" إلى أن الاحتلال سعى مؤخراً لشيطنة هذه الغرفة والترويج بأنها تهديد كبير له، وأنه يقاتل من أجل أمن المنطقة جماعاتٍ سياسيةً غير ناجزة.
وبين أن الاحتلال وأذرعه تفاجؤوا وحاولوا لملمة الحدث وتجاوز كل تداعياته بعد فشلهم في ضرب العلاقة بين فصائل المقاومة بافتعال فتنة وفرقة بين الحركتين الكبيرتين عبر حملات تشويه تزايدت بعد اغتيال القائد "أبو العطا".
وقال: إن دراسة التجربة السابقة وتقويم المسار من قبل الجميع مسألة بالغة الأهمية، موضحاً أن العلاقة بين الحركتين قد تشهد المزيد من التطور لما هو أبعد.