فلسطين أون لاين

40 عام على أسره

نائل البرغوثي.. مكث في سجون الاحتلال أكثر مما مكث بين ذويه

...
رام الله-غزة/ أدهم الشريف:

عندما تسمع عن أحدٍ لم يعش حياته الطبيعية التي قضاها قسرًا بعيدًا عن ذويه خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي، فاعلم أن الحديث يدور عن الأسير نائل البرغوثي المعتقل منذ سنين طويلة.

وصادف أن بدأ الأسير البرغوثي سنته الـ40، أمس، بعدما قضى 34 سنة دفعة واحدة.

وكان قد تحرر بضع سنوات من السجون وأعادت قوات الاحتلال اعتقاله، ليكمل أربعة عقود من عمره بالتمام والكمال أسيرًا.

والبرغوثي مواليد عام 1957، من سكان قرية كوبر شمال غرب مدينة رام الله، وهو عميد الأسرى، صاحب أطول فترة اعتقال يقضيها أسير في سجون الاحتلال.

اعتقل أول مرة عام 1978 عندما كان يبلغ 21 عامًا، وأصدرت محاكم الاحتلال بحقه حكمًا بالسجن المؤبد و18 سنة.

قضية وطن

وخلال فترة أسره الطويلة، أبرمت المقاومة وأطراف فلسطينية عدة صفقات تبادل مع الاحتلال وجرت العديد من الإفراجات عن أسرى، إلا أن الاحتلال رفض الإفراج عنه، حتى أنه فقد والديه، وتوالت أجيال وأحداث في الساحة الفلسطينية وهو ما زال أسيرًا، كما يقول شقيقه عمر البرغوثي المكنى "أبا عاصم"، وهو الشقيق الأوحد للأسير، ولهما شقيقة واحدة كذلك.

ويضيف لصحيفة "فلسطين"، أن "قضية نائل هي في الحقيقة قضية وطن من أجله قضى عمره أسيرًا".

ويفخر أبو عاصم بشقيقه الذي تبنى فكر مقاومة الاحتلال منذ صغره، وكان يعرف أن النتيجة إما أن يكون شهيدًا أو جريحًا أو أسيرًا أو مبعدًا عن وطنه.

وتابع: "نائل رفض الذل وقرر أن يقاوم الاحتلال الذي اعتقله وحكم عليه بالسجن المؤبد".

وعلى إثر ذلك، قطع الأسير البرغوثي مسيرة طالت سنواتها وكانت مليئة بالآلام، تخللها وفاة والديه، ومرور أجيال من عائلته ذائعة الصيت في مقاومة الاحتلال والتصدي له.

وعندما كان في السجن، أكد نائل من خلال عدة رسائل وجهها عبر المحامين وعائلته، أن المخرج الأول لتحرير الأسرى هو الوحدة الوطنية، بحيث تكون وحدة على الهدف والرؤية والبرنامج الوطني، ورفع راية الوطن والأمة، عادًّا الوحدة المنطلق الأول لاستعادة الهوية الفلسطينية.

وكان قد وجه رسالة في ذكرى ميلاده الـ62، قال فيها: "يوم ميلادي يذكرني بميلاد كل ثورة تطالب بالحرية، وأشعر كأني أولد من جديد".

عائلة مستهدفة

ومع إبرام حركة حماس صفقة "وفاء الأحرار" بوساطة مصرية، كان حينها قد أتم 34 سنة من عمره في السجون. وبالفعل كان اسمه مدرجًا ضمن القائمة التي تضمنت 1027 أسيرا وأسيرة، أفرج عنهم على مرحلتين (الأولى 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، والثانية في 18 ديسمبر/ كانون الأول من العام ذاته).

وجاء الإفراج عن هذا العدد الكبير من الأسرى مقابل إطلاق سراح جندي المدفعية الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أسرته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في عملية بطولية من داخل موقع عسكري شرق محافظة رفح جنوبي قطاع غزة، وأمضى لديها أسيرًا أكثر من 5 سنوات.

"استقبله الجميع بعاطفة جياشة، وكان هو تواقًا للحرية"، يصف أبو عاصم مشاعر شقيقه نائل بعد إطلاق سراحه في المرحلة الأولى من الصفقة، لكن فرحته بالحرية كانت منقوصة كثيرًا، خاصة بعدما فقد والديه وهو أسير، فلم يشعر بحنانهما ولم يحتضنهما منذ سنوات طويلة.

ولم يمضِ كثيرًا على إطلاق سراحه، حتى نقضت (إسرائيل) عهدها وأعادت اعتقال العشرات من محرري الصفقة في الضفة الغربية المحتلة، وكان نائل من بينهم.

وقال شقيقه: إن قوات الاحتلال أعادت اعتقاله مجدداً في 18 يونيو/ حزيران 2014، وأصدرت عليه حُكمًا مدته 30 شهرًا، وبعد قضائه مدة محكوميته أعادت حُكمه السابق وهو المؤبد و18 سنة.

وخلال الفترة التي قضاها خارج السجون تزوج نائل، وعاش فترة بين عائلة البرغوثي، وتنسم رائحة قريته وأرضه التي غاب عنها سنوات.

ويبدي شقيقه استغرابًا شديدًا من قرار الاحتلال إعادة اعتقاله، ويقول إن المطلوب إلزام الاحتلال بعدم الاقتراب من الأسرى المحررين.

ويقول: إن "نائل عاد إلى مسيرة العذاب مجددًا في السجون"، في إشارة إلى الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى وتعدادهم قرابة 5 آلاف.

يشار إلى أن قوات الاحتلال قتلت في أواخر 2018 ابن أخيه صالح البرغوثي، واعتقلت عاصمًا وهو شقيق الشهيد صالح، واعتقلت والدهما عمر البرغوثي "أبو عاصم" وزوجته سهير البرغوثي، وأفراد عائلته، وهدمت منزلين للعائلة، عدا عن عمليات التنكيل التي تعرضت لها ولا تزال، علماً أن غالبية عائلة الأسير نائل، تعرضت للاعتقال عشرات المرات على مدار سنوات الاحتلال.