إبداع جديد وعمل متواصل للمقاومة الفلسطينية خلال يومين متواصلين للرد على عدوان الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، أمر سيدفع قادة الأخير وأجهزته الأمنية والعسكرية، وفق مراقبين، للتفكير أكثر عند محاولتهم اغتيال أحد نشطاء المقاومة.
ورجح المراقبون خلال حديثهم لصحيفة "فلسطين"، أن يكون الهدف من عملية اغتيال القيادي في سرايا القدس بهاء أبو العطا جليا بإجهاض زعيم حزب "الليكود" تشكيل حكومة أقليات يتزعمها منافسه زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس.
مراجعة إسرائيلية
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم: إن رد المقاومة أثبتت أن التفكير الإسرائيلي بالاغتيال لن يكون سهلا، ولن يمر بسهولة، وأن الثمن في المرات القادمة قد يكون أكثر.
وأشار علقم إلى أن الجولة الأخيرة أثبتت أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية "هشة"، وأن الحالة الاقتصادية تشكل ضاغطا كبيرا على حكومة الاحتلال، لافتا إلى أنه خلال يومين من المواجهة قدرت خسائر الاحتلال بنحو 275 مليون شيقل، فكيف لو استمرت أكثر وكانت أكثر عمقا وكثافة؟
وأضاف: نتنياهو يرهن الكيان الإسرائيلي لمصالحه الشخصية.
وذكر أن هدف نتنياهو من وراء اغتيال أبو العطا، تحقيق مصالح شخصية ونسف جهود "غانتس" في تشكيل حكومة، ومنحه المزيد من هامش المناورة ليظل هو المتصدر في دولة الاحتلال، سيما أنه يخوض صراع البقاء من أجل حياته الشخصية وحياة عائلته ومستقبله السياسي.
وتابع: هذه الحياة على المحك، لذلك نتنياهو على استعداد للمضي أبعد من ذلك ليصدر أزمته.
وقد أراد نتنياهو تنفيذ عملية اغتيال نوعية، دون ردات فعل من المقاومة تجر لحرب واسعة، فكان يبحث على مدار الساعة عن وساطات للتهدئة من أجل عدم مواجهة خصومه السياسيين، الذين وجهوا له انتقادات كبيرة بعد تعطيل الحياة في دولة الاحتلال.
وختم علقم: "جولة محدودة عادت سلبا على نتنياهو، فكيف لو طالت؟".
مصالح شخصية
ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، أن جريمة اغتيال أبو العطا هدفها تحقيق مصالح شخصية لنتنياهو، وليست عسكرية إسرائيلية.
وقال مجلي: "فلسطينيا كان الرد يجب أن يكون محسوبا حتى لا يستفيد نتنياهو من العملية"، مبينا أن الشيء الذي استفاد منه نتنياهو هو إسقاط إمكانية أن تكون هناك حكومة أقلية بقيادة "غانتس" و "ليبرمان" وبدعم من القائمة العربية المشتركة.
وأعتقد أن نتنياهو يريد البقاء في الحكومة لأشهر أخرى، حتى يواجه لائحة اتهام ونيابة الاحتلال من موقع رئيس الحكومة وليس من موقع "مواطن عادي" في ظل احتمال ضعيف بفوزه في الانتخابات الثالثة.
وأشار إلى أن عدد المقاعد التي سيحصل عليها نتنياهو - حسب استطلاعات الرأي الإسرائيلية الأخيرة - انخفضت من 32-31 مقعدا، في حين سيحصل منافسه "غانتس" على 33 مقعدا.
لذلك أمام نتنياهو للإفلات من المحاكمة – حسب مجلي - أن يكون في حكومة وحدة هو رئيسها بفترة الولاية الأولى أو تشكيل حكومة يمين، وكلا الأمرين صعب في ظل رفض ليبرمان حتى الآن الانضمام إليها دون الموافقة على شروطه بشأن قضية "الحريديم".
وتابع: فكان الاحتمال الأقوى أن تكون حكومة من اليسار والوسط مسنودة من القائمة العربية، فأفشلها نتنياهو بعملية اغتيال أبو العطا، واستغلها في التحريض على النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي ونعتوا جيش الاحتلال بالمجرم، "ولم يعد بإمكانية غانتس وهو جنرال حرب أن يحصل على دعمهم، لأن ذلك سيحرجه".
ولفت إلى أن نتنياهو خطّط خلال العامين الأخيرين لحرب واسعة مع غزة، لكن الجيش رفض لأنه لا يريد قيادة فاسدة تدير الحرب، تأخذ دولة الاحتلال للحرب لحسابات شخصية.
وقال مجلي: "إن نتنياهو دخل المواجهة الأخيرة من أجل البقاء كرئيس حكومة، لا يريد أن يدخل السجن، ويريد عقد صفقة مع نيابة الاحتلال تنتهي باستقالته لضمان عدم دخوله السجن".
واستدرك: لكن الأمور ليست بالبساطة التي يتخيلها، فهناك ملفات فساد دامغة كثيرة، منها قضية شراء غواصتين ليستا ضروريتين للاحتلال، تم شراؤهما من شركة ألمانية دفعت "رشوة" وعمولة لأشخاص مقربين منه بينهم ابنه وصديقه ومحاميه الشخصي.