ماذا أرادت حكومة العدو من اغتيال أبو العطا، ومن جولة القتال الحالية؟ هل كانت حكومة العدو تتوقع جولة القتال الحالية؟! وهل قدرت أن مساحتها ستتسع بشكل عاجل حتى تصل (تل أبيب) وغوش دان؟! وهل قدّرت أن مئات الآلاف من طلبة العلم سيتوقفون عن الدراسة، ومثلهم يدخل إلى الملاجئ، أو يعيش قريبا منها؟!
ربما كانت حكومة نتنياهو تتوقع بعضا من هذا، ولكني أشك أنها كانت تتوقع كل هذا، بشكل عاجل ، كما وقع. حكومة العدو كانت تعمل على فرض معادلة الاغتيال في مقابل ردود فعل منخفضة، سواء الاعتماد على قوة الردع العسكرية المتفوقة لديها، أو الاعتماد على سرعة تدخل الوسيط المصري. ولأن المقاومة الفلسطينية تعرف إستراتيجية العدو، وترفض معادلة الاغتيال، قررت توسيع نطاق الصواريخ منذ الساعات الأولى لردود الفعل، فكانت (تل أبيب) هدفا موازيا لسديروت في الغلاف.
(تل أبيب) أولا، وغوش دان ثانيا، ومنطقة الغلاف ثالثا، أو بشكل متوازٍ، مع رفض الوساطة العاجلة، كان هو الرد، وهو تكتيك إفشال عودة الاحتلال لاغتيال القادة العسكريين والسياسيين. ويبدو أن المقاومة نجحت في مرادها، بشطب معادلة الاغتيال، والقبول بالوساطة العاجلة، قبل استيفاء الحساب، ومن ثمة جاءت تصريحات المسئولين عند العدو أن الاغتيال كان حدثا منفردا مبررا، وأنه لا عودة للاغتيالات، وأن الحكومة والجيش لا يريدان توسيع رقعة الحرب!
ما كان لهذه التصريحات أن تخرج على لسان أكثر من مسئول لو جاءت ردود الفعل الفلسطيني على عملية الاغتيال منخفضة، أو جاءت منفردة يقوم بها فصيل واحد من خارج الغرفة المشتركة التي أنفقت الفصائل وقتا طويلا لتشكيلها، وإعطائها صلاحيات تنظيم العمل العسكري.
حاول نتنياهو شخصيا دفع المقاومة لخفض ردود فعلها، من خلال بيان خطورة أبو العطا، وتجاوزه الخطوط الحمراء، وعدم انصياعه للتحذيرات، غير أن المقاومة لم تستمع لمناوراته، وقررت أن تحرمه من المكاسب السياسية التي يسعى لها في هذه الفترة على وجه الخصوص. وحملتْ المقاومة أصواتا عديدة داخل الكيان على القول: إن عملية الاغتيال كانت خطأ، ولم تكن هي الخيار الأفضل لسكان الدولة، وإن الأضرار الناجمة عنها كبيرة، ولا تتوازى مع عملية الاغتيال. وعليه يمكن أن نقول: (انقلب السحر على الساحر)، وإن عملية الاغتيال التي افتخر نتنياهو بدقتها وجدواها كانت جدوى كاذبة، وأنها قد فشلت في تحقيق أهدافها. ويبقى على فصائل المقاومة واجب التمسك بالغرفة المشتركة، والعمل الموزون، دون طغيان الحماسة الزائدة، والنظر إلى المستقبل بعين الأمل، والعمل، فالقادم عديد ومديد.