قائمة الموقع

عائلات غزة تتصدى للعدوان بالتكافل الاجتماعي

2019-11-14T09:30:27+02:00
صورة أرشيفية

التكافل الاجتماعي يعني التزام أفراد المجتمع مساعدة المضطرين وإعانة المحتاجين سواء كان تكافلًا معنويًّا كأن يكون قلب الشخص مع المحتاج يسانده ويدعم قضيته ومعاناته ويدعو له، أو تكافلًا ماديًّا فيقدم له ما يمكن أن يزيل الضرر عنه أو على الأقل يخفف تبعاته وآثاره سواء بالمال أو بأي معونات أخرى.

وعائلات قطاع غزة لا تنفك تؤكد للقاصي والداني أنها أروع وأفضل من يقدم مثالات متعددة في التكافل الاجتماعي بنوعيه، خاصةً مع استمرار تعرض القطاع لعدوان الاحتلال الإسرائيلي، وقصف الطائرات الحربية بين حين وآخر لمبانٍ مدنية، وإحداث أضرار في منازل المواطنين.

فهناك من يقدم عقارات يملكها لمن هدمت بيوتهم، وآخر له محل بقالة يعطيهم مما يعرض في بقالته، ومن يقدم لهم ما يعيلون أنفسهم به من ملابس وأثاث، وغيرها من مواقف لا حصر لها، وأقل الإيمان أن يدعو لهم من لا يملك إلا الدعوة.

ويؤكد أستاذ علم النفس الاجتماعي د. درداح الشاعر في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن التكافل الاجتماعي إحدى القيم الكبرى التي دعا الإسلام إلى تحقيقها في المجتمع المسلم.

ويرجع الشاعر ذلك لما للتكافل الاجتماعي من أثر سواء على الصعيد الاجتماعي أو على الصعيد النفسي، مشيرًا إلى أن التكافل ليس ماديًّا فقط، بل هو معنوي.

ويوضح أنه عند مد يد العون للإنسان فإننا نعزز القيمة المعنوية قبل القيمة المادية، فتقديم الهدايا المادية هي صورة من صور التكافل والمساعدة الاجتماعية، التي تظهر المجتمع بصورة متميزة وتزيد من أواصر الترابط بين أفراده، وتضمن تواصلًا اجتماعيًّا أفضل.

ويشدد على أنه على يجب الفخر في هذا المجال على الصعيد النفسي والاجتماعي كقيمة إسلامية كبرى تميز بها الإسلام عن غيره من باقي الأديان والمذاهب، مضيفًا: "وهذه القيمة الكبرى هي أم القيم وأهمها، التي تشعر الجميع أن المسلمين (كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)".

ويتابع أستاذ علم النفس الاجتماعي: "وأعتقد أن هذه القيمة وهذا الخلق الرائع أحوج ما نكون إليه في هذا الوقت الشديد"، مبينًا أن العبرة ليست بالقيمة، بل بمفهوم المساعدة، فالقضية ليست هي قضية أن يقدم الإنسان كل ما لديه، بل أن يكون ما يقدمه يخفف نسبيًا عن الآخرين ويعينهم.

ويتحدث عن صور التكافل التي من الممكن تطبيقها، بالإشارة إلى أن التكافل أنواع، مثل التكافل المادي كتقديم المال أو الأشياء المادية كالمساعدة من مأكل ومشرب ومواد بناء، ومن أشياء مادية لا عد ولا حصر لها حسب حاجة الإنسان لها، ومثل التكافل المعنوي في مجال المؤاخاة وتبادل المشاعر وتقديم المساعدة المعنوية أو الروحانية.

وبتركيز أكثر على صور التكافل في أثناء العدوان، يشير الشاعر إلى أنه يمكن أن يتمثل في تحمل في بعض الأعباء، مثل الأعباء المادية باستضافة بعض الأسر المتضررة من القصف والعدوان، وهي مثال للمجتمع المتكافل والمتعاون.

ويبين أن الأسر التي دمرت بيوتهم استضافتهم عائلات أخرى، ووفرت لهم المسكن والمأكل والمشرب والأمان لمرحلة زمنية قد تطول وقد تقصر حتى ينتهي العدوان.

وعن تأثير نهج التكافل الاجتماعي على الحالة المعنوية للشخص المُعان، يقول أستاذ علم النفس الاجتماعي: "سيشعر مباشرة أنه ليس وحده أمام المصيبة في الميدان، وأن هناك من وقف معه، وهو سند له، ويشعر الإنسان بالأنس بغيره، وبمزيد من الصلابة، وبالقوة".

ويشير إلى أنها تزيد هذه المساندة من قدرته على احتمال الأزمة والصدمة، وتزيد من شعوره بالرضا وتزيد من كل العوامل التي تدفعه أن يبقى في أرضه متمسكًا بها.

أخيرًا الإسلام سطر أهم نموذج للتكافل الاجتماعي عبر التاريخ يوم آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وما أقدم عليه الأنصار من اقتسام أملاكهم وأموالهم ومتاعهم مع المهاجرين، وأهالي قطاع غزة يسيرون على ذات النهج تحديًا لكل ما يصدر عن الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات من شأنها محاولة قتل كل ما هو حي في الشعب الفلسطيني.

اخبار ذات صلة