"عباس هو مرشح فتح الرئيس للانتخابات القادمة، ولا مرشح لفتح غيره". هذا ما تتسابق قيادات في فتح للإعلان عنه والتصريح به. بل إن بعض قيادات من فتح تقول: ليس لأحد من خارج فتح أن يترشح في مواجهة عباس؟! ما دلالة هذه الأقوال؟! وما الغاية التي تحاول أن تصل إليها؟! ونحن نعلم، وهم يعلمون أن محمود عباس قال في يوم ماضٍ إنه لن يترشح للانتخابات البتة؟! فهل كان قوله مناورة؟! وهل سيترشح بناء على طلبات قادة فتح، وبالتالي تكون هذه التصريحات سلَّم الإنزال عن الشجرة التي اعتلاها يومًا لسبب أو لآخر؟!
في زمن ياسر عرفات التي تحل ذكرى اغتياله، كان عباس هو كرزاي فلسطيني، وممثل أميركا (وإسرائيل) في مواجهة عرفات، واليوم هو القيادي الوطني الوحيد في حركة فتح، وقد عقمت الأمهات أن يلدن بديلًا شابًّا عنه؟! من كرزاي المخالف للرمز القائد، إلى الأوحد الذي لا ينافس في فتح؟! هذه القفزة التي لا يكاد يفهمها المنطقيون، تحتاج لدراسات سيكولوجية ونفسية، وربما دراسات مالية ومصالحية؟!
هل نجح عباس في مهام وظيفته خلال السنوات الماضية حتى يكون مرشح الشعب الوحيد؟! إن كان كذلك فلماذا تشتكي فتح وحماس، والجبهة وبقية الفصائل من تفرده في القرار، ومن سياسته في إدارة الصراع مع الاحتلال؟! لماذا خرجت فتح الإصلاحية للوجود؟! لماذا هناك انتقاد قاسٍ لسياسته في التنسيق الأمني، وفي عقوباته على غزة، وفي أنصاف الرواتب، والتقاعد المبكر، والخلاف على المقاومة؟!
عباس في التقييم المنصف لم ينجح في وظيفته، ولم ينجح في جلّ قراراته وأعماله، ولم يتمكن من وقف الاستيطان، أو ضم القدس، أو وقف عجلة التطبيع العربي، ولا تكاد العرب تقف خلف قراراته، ولا تكاد تتجاوز كثير من دول العالم التعامل الشكلي معه، ولم ينجح في بناء اقتصاد وطني، وما زال اقتصاد فلسطين تابعًا للاقتصاد الصهيوني، وفي عهده توقفت الدول المانحة عن دعمها لفلسطين، وسقط حل الدولتين، وتمددت (إسرائيل) في الأغوار، وتراجع النمو المحلي، وتوقف مستشفى المطلع عن استقبال مرضى السرطان، ولا تكاد تجد في المشافي علاجًا مناسبًا رغم أنك تدفع رسوم التأمين الصحي شهريًّا.
وفي عهده كشفت حكومة الحمد الله عن فساد مالي ضاعف فيه القرار رواتب الوزراء دون رقابة، حتى تحدثت الصحف منتقدة، واضطر الرئيس لإصدار قرار يطلب من الوزراء إعادة الأموال؟!
وفي عهده افتقرت الجامعات الفلسطينية، ولم تعد بمكنتها توفير نصف راتب منتظم لأساتذتها، وشهدت الجامعات تفرقة عنصرية في المعاملة، وفي عهده فشا الانقسام والتمييز بين غزة والضفة، وغابت وحدة الشعور بين الشطرين، وانتشرت الجريمة، وتجارة المخدرات، وتعسرت أقضية الحياة، وصار مال السلطة دولًا بين أبنائه والمتنفذين من حوله، وسقط المجلس التشريعي، ولم تعد هناك رقابة لأحد على أحد، ولا يكاد أحد يسأل أحد، وكل ما في يدك حلال، وفي خارج يدك حرام. والحمد لله.
هذا بعض ما يحكيه عهد عباس بلا مبالغة ولا تتبع إحصاء، ومع ذلك ترى أصحاب المصالح يزعمون أنه المنقذ، وأنه لا مرشح غيره لرئاسة السلطة، وقد أفل نجمها، وباتت بحق تحتاج لمنقذ، أو لمجلس إنقاذ وطني؟! فهل تجتمع الفصائل على مرشح منافس إذا جرت الانتخابات؟!