ما أجمل ذكرى يوم المولد النبوي الكريم! في مثل هذا اليوم أشرقت الأكوان بنور الهادي عليه الصلاة والسلام. وما زال نوره في الكون يشيع في كل شيء حتى يرث الله الأرض ومن عليها. نور الهادي من نور ربه الذي اصطفاه واختصه بما فضله على العالمين.
في مولده آيات للعالمين. وفي حياته النقية قبل البعثة آيات أيضا، وفي بعثته آيات ثالثة، وفيما أنزل عليه من قرآن ، جمع بين المنهج الدائم، والمعجزات الدائمة آيات عظيمة لأولي الألباب.
في الكون آيات معجزات. وفي القرآن آيات معجزات. وفي مولده وسيرته آيات. فما بال المسلمين اليوم يحتفون بمولده الشريف، دون الاحتفاء بمنهجه، من خلال العمل به وتطبيقه، والله سبحانه أرسله هاديا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. وإن أعظم ما في محمد أنه رسول يحمل للناس منهجا معجزا؟!
إن الاحتفال بالمولد الشريف، وبالرسول المجتبى لا ينبغي فصله عن الاحتفال بالمنهج الذي حمله لنا صاحب الذكرى العطرة. ومن تمام الاحتفال به الاحتفال الدائم بمنهجه، وتطبيقه في الحياة بحب واحترام وفخر.
لا أقول للناس لا تحتفلوا بالمولد، بل احتفلوا به وادعو أبناءكم لقراءة سيرته ، ولكن لا تقفزوا عن منهجه الذي جاء به من عند ربه خاتما للمناهج، ومهيمنا على الكتب التي سبقته، واجعلوه حكما في أقضية الدنيا والآخرة، ولا تهملوه فتحصروه في زاوية المسجد، دون أن تلتزموا أحكامه في كل أقضية حياتكم.
نعم ربما لم يحتفل الصحابة بالمولد على نحو ما نفعل في عصرنا، ولكنهم كانوا في احتفال دائم به وبمنهجه يوما بيوم، وساعة بساعة، وما كانت بينهم وبين سيرته ومنهجه هذه الفجوات الواسعة التي يعيشها الناس في عصرنا.
لو تخيلنا أنه صلى الله عليه وسلم حي اليوم بيننا، ورأى حالنا واحتفالاتنا، لربما قال لنا كيف تحتفلون بالمولد ولا تقيمون الصلاة، ولا تؤتون الزكاة، وتفعلون المعاصي وتجعلون لها حفلات، ولجان ترفيه؟! كيف تحتفلون بالمولد وانتم في هزيمة، وقدسكم محتل، وعلماؤكم معتقلون ؟! كيف تحتفلون وعلى رؤوسكم رويبضات تذلون لهم من دون الله وتمدحونهم بما لا تمدحون به علماءكم، وأهل الله فيكم؟!
احتفالاتكم ناقصة، وشكلية، وتؤذي العارفين، وعليكم واجب التوبة، والتزام المنهج، وتحقيق عزة الإسلام والمسلمين ، ولا معنى لكل شكل غاب عنه الجوهر. الجوهر : إن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. وكل عام وأنتم بخير ، وكل عام والعاملون في الصحيفة بخير وعلى المنهج.