فلسطين أون لاين

​خطاب السنوار بين الجرأة والحقيقة

...
شادي أبو صبحة

رسائل مهمة وجهها رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار خلال لقائه بالشباب فقد حملت مضامين سياسية متعددة على الصعيد الداخلي والخارجي.

خطاب جريء جاء رادعًا للعدو بهدف منعه من فرض معادلاته على المقاومة وردًّا على تهديدات الاحتلال وعنترية قياداته من ارتكاب أي حماقة ضد غزة، ملوحًا بقدرة المقاومة على الحسم والردع وعدم التراخي واضاعة الوقت ومستوى حضور القيادة وتخطيطها.

الحقيقة فيما قاله الرجل: "لدينا قوة عسكرية في غزة يُعتد بها ويحسب العدو لها كل حساب"، وقوله: "لدينا مئات الكيلومترات من الأنفاق وآلاف الكمائن ومضادات الدروع والقذائف الصاروخية المصنعة محليًّا".

أما الجرأة أنه قال: وقفنا للعدو بالمرصاد، ولن نسمح له بأن يغير قواعد الاشتباك، وأنه رغم الحصار المفروض على القطاع، إلا أن المقاومة بنت قوة يعتدّ بها.

إن حديث القوة والردع الذي اعتمده السنوار في خطابه، وجرأته في تهديد قادة العدو وعلى رأسهم غانتس تمثل عاملا من تعزيز الثقة لدى المقاومة وقدرتها على المواجهة، كما تشكل أهم المنطلقات الاستراتيجية في تقدير منسوب المغامرة لدى قادة الكيان، إذا ما أدركوا أن هناك أثمانًا هائلة سيدفعونها حال راهنوا على صمود المجتمع الاسرائيلي أمام ضربات المقاومة، وهو ما أثبتته الجولات الأخيرة.

مواقف ومحطات عدة في خطاب السنوار، بين الحقيقة والجرأة تجدها بريئة ثم تتحول إلى قاتلة في معاقبة الاحتلال وأعوانه ممن يرفضون تحديات الجرأة، وممن يفرضون الحصار على قطاع غزة،، فقد تنقل بين كلماته وكأنه يقدم تقريره للحساب بين ما أنجز وما نجحت به حركته، فجاء على ذكر تشكيل غرفة العمليات المشتركة بمشاركة ١٢ فصيلًا وحرب الأنفاق والصواريخ بعيدة المدى، من جهة أخرى لم يغفل الرجل في حديثه سعي حركته لتطوير خدمة المواطنين في غزة والتخفيف من معاناتهم في مجالات عدة منها الأمن والصحة التعليم، مقتنعًا في ذلك أن الشعب كحاضنة أساسية للمقاومة يستحق الأفضل.

في اعتقادي أن رسالته قد وصلت، فسرعان ما تواردت تصريحات قادة الكيان التي بدت متوجسة من جرأة التهديد، وما برز من خلال تصريحاته وعدم توقف صافرات الإنذار في تل أبيب لستة أشهر متواصلة، وأعتقد أن خطابه سيشكل لدى إعلام العدو وسيؤثر في وعي جمهوره؛ الكثير من هاجس الخوف وسيقف قادته عند حديثه عن قدرات المقاومة.

الحقيقة أن السنوار كان موفقًا في خطابه فقد وقف على مفاصل مختلفة لها كل التأثير على القضية الفلسطينية وقطاع غزة، فهو قائد قوي وجريء في حديثه، كما أنه يعلم ما يدور في شؤون الكيان ويعرف تدابيرهم العسكرية وخبير في المجتمع الإسرائيلي، لكونه كان أسيرًا لأكثر من عقدين في السجون الإسرائيلية، ومطلع على شؤون المقاومة الفلسطينية، وصاحب المقولة الشهيرة "الرد بالرد والقصف بالقصف والدم بالدم" ويحسب له العدو ألف حساب.