تختلف نظرة الناس إلى المدرسة من جيلٍ إلى آخر حسب طبيعة معطيات الزمان الذي يعيش فيه الجيل، فالمفهوم التقليدي للمدرسة هو أنها مكان يتعلم فيه الطلبة القراءة والكتابة فقط، أما في العصر الحالي فقد توسع مفهوم المدرسة وأصبح يتجاوز فكرة القراءة والكتابة، ووصل إلى عقد لقاءات توعوية ودورات تدريبة وتنفيذ مبادرات مجتمعية في مختلف المجالات، وهو ما باتيعرف بـ"الأنشطة المدرسية اللامنهجية".
وقد اختلفت النظرة إلى تلك الأنشطة بين من يراها ضرورة ومن يراها عبئًا، والمؤكد أن لكل فريق وجهة نظر لها ما يسوغها، والسؤال الذي يطرح نفسه على مائدة البحث: إلى أي مدى تحتاج المدارس للأنشطة اللامنهجية؟، وهل تساهم الأنشطة المدرسية اللامنهجية في تحقيق تغيير إيجابي؟، أم أنها كما يرى بعض وسيلة أنيقة لسرقة الوقت من الأنشطة المنهجية؟
من يعترض على الأنشطة اللامنهجية يسوغ اعتراضه بأنها:
تسرق وقت الطلبة من متابعة الدروس وتزيد العبء على المعلم إذ سيضطر إلى إعادة الدروس مرة أخرى، خاصة أننا نعيش في أوضاع غير مستقرة، فقد ينقطع الطلبة عن الحضور للمدرسة بسبب عدوان أو أجواء الشتاء والعواصف والأيام والإجازات الرسمية، وقد ينقطع طلبة الثانوية العامة عن المدرسة ابتداء من نهاية شهر مارس، ولسان حالهم يقول: "بعد مارس لا مدارس"، وهذا يقلل من نصيب كل مقرر دراسي، أيضًا يسوغون رفضهم بأن بعض الأنشطة اللامنهجية قد تحتاج لمساهمة مالية من الطلبة، ما يشكل عبئًا على كاهل الأسرة، مثل إقامة الاحتفالات والمهرجانات.
أما من يؤيد فيرى الأنشطة اللامنهجية فرصة لصقل شخصية الطالب وتهيئته للحياة العملية بطريقة عصرية، وإخراجه من جو الروتين الدراسي اليومي، وتكسبه فن العيش والعمل معًا، إذ ينقل المدرب خبراته وتجاربه العلمية والعملية التي اكتسبها للطلاب، وبالأنشطة اللامنهجية تكتشف مهارات الطلبة في الشعر والأدب والإلقاء والخطابة والإدارة والقيادة وطرح المبادرات والأفكار وتنفيذها، وغيرها من الفنون والمهارات الحياتية.
شخصيًّا أميل لفكرة الأنشطة المدرسية اللامنهجية، لأنها تعطي المعلومة والفكرة للطالب بأسلوب عملي حيوي بعيدًا عن جو الروتين الدراسي في الفصل، وإعجابًا بالمثل الصيني القائل: "علمني، وسوف أنسى، أرني، وقد أتذكر، أشركني، ولن أنسى أبدًا"؛ فالأنشطة اللامنهجية تبني فلسفتها على المشاركة والتفاعل بين الطلبة والمدرب، ولا أخفي احترامي لأوجه الاعتراض التي قدمها الفريق المُعترض.
إن ميلي للأنشطة المدرسية اللامنهجية ليس على إطلاقه، بل بضوابط مثل:
1_ أن يكون نصيب الصف الدراسي لا يزيد على نشاطين شهريًّا.
2_ أن يكون النشاط فيه قيمة عملية ويكسبه مهارات حقيقية.
3_أن يحفزه النشاط على التعليم الدراسي.
إجمالًا يبقى تأكيد أن الانسجام والتناغم مع معطيات العصر المعيش أمرٌ مهمٌّ، فلا يمكن العيش في 2019م بمنهجية العيش نفسها قبل 30 عامًا، مثلًا، لأن الكثير من الأمور تتغير سلبًا أو إيجابًا.