قال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن موافقة الحركة على دعوة رئيس السلطة محمود عباس للذهاب لانتخابات تشريعية ورئاسية جاءت انطلاقا من حرصها على إنهاء حالة الانقسام الممتدة منذ 2007.
جاء ذلك خلال ندوة سياسية عقدتها صحيفة "فلسطين" في مقرها، أمس، بحضور رئيس حركة المبادرة الوطنية في قطاع غزة د. عائد ياغي، والصحفي فتحي صباح، ومدير تحرير "فلسطين" مفيد أبو شمالة، وعدد من الصحفيين.
وأكد النونو في كلمة له خلال الندوة أن لدى حماس قرارا بإنهاء الانقسام بشتى الوسائل والطرق، وإعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة الشراكة الوطنية، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني، مضيفا أنه "كلما استمر الانقسام تأخرنا عن تحقيق هذه الأهداف، وبالتالي فإن القضية ستتراجع، في حين يُمنح أعداؤنا فرصة للاستمرار في مخططاتهم".
وبين أن حركة حماس تعدُّ إجراء الانتخابات بوابةً لإنهاء الانقسام، بعدما كانت تتمسك بتطبيق اتفاقيات المصالحة السابقة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مسؤولية إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، وذلك استجابة لدعوة عباس لعقد الانتخابات.
ونبَّه النونو إلى أنه بالشراكة والوحدة الوطنية يستطيع الفلسطينيون إفشال أي مخطط يحاك ضد قضيتهم، وكان ذلك واضحاً في رفض "صفقة القرن" و"ورشة البحرين" التي فشلت أهدافها، ووصلت الرسالة الفلسطينية الجمعية للعالم وخاصة الأمريكان، مضيفا: "إذا كنا متحدين، فإننا قادرون على إفشال المخططات ضد القضية الفلسطينية".
وأكد أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتت معزولة إثر وحدة الموقف الفلسطيني في رفض "صفقة القرن".
وأشار النونو إلى حوارات قوية وأفكار طرحها الراعي المصري لملف المصالحة، وكادت أن تصل إلى التوافق، في حين جاءت مبادرة الفصائل الثمانية لإنهاء الانقسام، وقد وافقت عليها حركة حماس دون شروط رغم التحفظات، مبديا تمسك حركته بها، وكذلك بالاتفاقيات السابقة بدءاً باتفاق القاهرة 2011.
وفي ملف النظام السياسي لفت النونو إلى أنه منقسم بين مؤسستين مهمتين، وهي منظمة التحرير والشعب الفلسطيني في الشتات، والسلطة الفلسطينية التي تعنى بالمواطنين داخل الأراضي المحتلة، مشددا على أهمية إعادة بناء هذا النظام ومنظمة التحرير بدخول حماس والجهاد الإسلامي، وإعادة بناء السلطة على قاعدة التوافق والديمقراطية.
ونبه إلى أن موقف حماس من المبادرة والانتخابات هو موقف مجموع الفصائل الوطنية الذي يشكل قوة وحدوية، وكان ذلك واضحا من خلال لقاء وحدودي مع لجنة الانتخابات التي زارت غزة، أخيرا، لاستكشاف موقف حماس من الانتخابات.
وتابع: "حتى تنجح هذه الانتخابات لا بد من التوافق على جميع الخطوات التي يمكن أن توصلنا للمرحلة النهائية بإصدار النتائج واحترامها أي كانت"، موضحا أن بعض الفصائل لن تشارك بالانتخابات لكن لدى الجميع إرادة بإنهاء الانقسام.
وأكد أن النقطة الفاصلة التي يجب أن يعمل عليها الجميع تتمثل بتحقيق التوافق في كل خطوة مقبلة تتعلق بالمصالحة وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني.
قرار حاسم ومفاجئ
أما الصحفي فتحي صباح فعدّ في كلمة له خلال الندوة موافقة حماس على الانتخابات "حاسمة ومفاجئة لكل الأوساط بالذات الإعلامية"، و"تكتيكا سياسيا ذكيا على إجرائها دون شروط رغم أنها غير متزامنة، وقد أعادت الكرة إلى ملعب عباس".
وقال صباح: "كنت أتوقع أن توافق حماس لكن بشرط، لكنها أبدت مرونة عالية ووافقت على الانتخابات دون أي شروط تتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية"، مشيرا إلى أنه التقى برئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر الذي تحدث عن أن الفترة الزمنية بين الانتخابات التشريعية والرئاسية تتراوح بين 3- 6 أشهر.
وعد أن موافقة حماس أزاحت واحدة من مجموعة عقبات تعترض الانتخابات، وإن كان القانون الفلسطيني ينص على أن تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية في يوم واحد، إلا أن القانون ليس عقبة، والأهم أن يكون هناك توافق سياسي.
وذكر أن عقبة كبيرة تعترض الانتخابات، وهي إجراؤها في القدس المحتلة، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لن يوافق على ذلك.
وأشار إلى اقتراح غير معلن في حالة الرفض الإسرائيلي بأن يتم البحث عن مقرات تتبع للأمم المتحدة لإجراء الانتخابات "وهذا سيشكل تحديا للجميع".
وفي حال عدم التوصل إلى حل بشأن القدس، "فإن الانتخابات لن تعقد، لأنه لا يقبل أحد إجراءها دون المدينة المحتلة لما لذلك من دلالات سياسية، فهذا أمر خطير في حال عقدت بدونها"، وفق صباح.
وشدد على أن الرفض الإسرائيلي إن وجد مستقبلاً، يتطلب حراكا سياسيا وقانونيا لاستصدار قرار من الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات بالقدس.
وعلى صعيد شعبية عباس، أشار إلى أنها متدهورة خاصة في الضفة الغربية المحتلة التي تعاني من سياساته الاقتصادية، ومشاريع الاستيطان وعدم مواجهتها، واقتحامات قوات الاحتلال اليومية، وجملة القوانين التي أصدرها خلال الفترات السابقة، أما شعبيته بغزة "فهي كارثية".
وقال إنه في حال حققت حماس نتائج أغلبية وزاد عدد نوابها على نواب فتح، سنكون أمام مأزق شديد الخطورة إذا لم تقبل فتح بالنتائج، وسنشهد صراعا سياسيا خطيرا، وقد يتعطل النظام السياسي مرة أخرى وتبقى الأوضاع على حالها.
أما فيما يتعلق بمنظمة التحرير، يعتقد صباح أن لدى عباس والإقليم وحركة فتح قرارا بعدم إدخال حماس للمنظمة، وإذا قرروا إدخالها سيكون وفق شروط، على حماس القبول بها، خاصة أنها ما زالت مصنفة أمريكياً ولدى بعض الدول الغربية على أنها "إرهابية".
لقاء وطني
من ناحتيه أبدى ياغي تأييده لما ورد على لسان المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأن الانتخابات ستكون مدخلاً لإنهاء الانقسام.
وطالب ياغي في كلمته خلال الندوة، بالالتفاف والضغط الشعبي في كل الميادين لإنهاء الانقسام وتطبيق اتفاقيات المصالحة التي وضعت خارطة طريق تضمن إجراء الانتخابات.
وأشار إلى أن المواطن لم يشعر بشيء إيجابي من اتفاقيات المصالحة لعدم تنفيذها بالشكل الصحيح على الأرض.
وذكر رئيس حركة المبادرة الوطنية في قطاع غزة، أن "الانتخابات حق، ونحن مع إجرائها، ولكن نريد لقاء وطنيا للأمناء العامين الفصائل، فنحن مع ضرورة عقد اجتماع وطني للاتفاق والتوافق والتفاهم على الانتخابات، ولنعرف أي انتخابات نريد ووفق أي نظام، والعمل على إنجاحها واحترام نتائجها".
وأكد أهمية إقناع المجتمع الدولي بالانتخابات الفلسطينية وضرورة احترام نتائجها، عدا عن ضرورة وجود إرادة فلسطينية.