فلسطين أون لاين

حقوقي: تحقيقاته شكلية لـ"ذر الرماد" في عيون المجتمع الدولي

طي الاحتلال جريمة قنص الطفل "حلس".. المنظومة القاتلة "الخصم والحكم"!

...
الشهيد عثمان حلس
غزة/ يحيى اليعقوبي:

"إذا كان عدوك القاضي فمن هو غريمك؟".. مثل ينطبق تماماً على قرار قضاء الاحتلال الإسرائيلي طي ملف التحقيق بجريمة قتل أحد جنوده الطفل عثمان حلس (15 عاماً) شرق قطاع غزة.

ففي 13 يوليو/ تموز 2018، كان الطفل حلس هدفا لقناصة جنود الاحتلال المدججين بالسلاح خلف السياج الفاصل شرق غزة، في جريمةٍ وثقتها عدسات الكاميرات أمام مرأى ومسمع العالم، حينما انطلقت رصاصة إسرائيلية متفجرة واستقرت في صدر الطفل.

ولم يكن الطفل الذي كان يحاول رفع علم فلسطين على السياج الفاصل يشكّل أي خطورة على جنود الاحتلال، لكن غريزة الإجرام التي ورثها هؤلاء عن قادتهم السياسيين والعسكريين أبت إلا أن تقتل روحا بريئة وتزهق حياة إنسان قبل أن يكون طفلا.

ومع ذلك أصدرت محكمة الاحتلال العسكرية، أمس، حكماً بحق الجندي القاتل بـ"الخدمة المجتمعية" شهرا واحدا، بعد انتهاء خدمته الإلزامية، لارتكابه مخالفة "تجاوز الصلاحيات إلى حد تشكيل خطر على الحياة والصحة".

عبر سماعة الهاتف يرد والد الشهيد حلس على حكم الاحتلال بتنهيدة وهو يتساءل متهكما: "على ماذا 30 يوما؟ هل هذا عقاب؟".

وأضاف رامي حلس لصحيفة "فلسطين" أن "قرار سجن الجندي الذي قتل ابني يدلل على أن الاحتلال ليس له دين ولا عدل ولا قضاء نزيه، لقد كانت الجريمة موثقة بالفيديو وشاهدها كل العالم وهو يقنص طفلي".

وبحثت العائلة، والقول لوالد الشهيد، عن حقها في محاسبة الجندي القاتل بعد شهر من وقوع الجريمة، فقدمت دعوى قضائية ضده من خلال مركز الميزان لحقوق الإنسان، مضيفا: "بعد مدة من الدعوى ذهبت وقدمت إفادتي في حاجز بيت حانون (إيريز)، وبمجرد أن عرض المحقق الفيديو أشرت بيدي إلى الجندي القاتل".

"لا يوجد حكم أصلا، ما حدث أشبه بعملية نقل لجندي قاتل وتستر على جريمته"، قالها بنبرة صوت غاضبة.

والد الطفل الشهيد لا ينقطع عن تكرار مشاهدة مقطع الفيديو الذي وثق جريمة قتل ابنه وجنود الاحتلال يقنصونه، ويقول: إن "الفيديو يوجع القلب، وأنا أكرر مشاهدته لأرى بشاعة الجريمة الإسرائيلية بحق طفلي".

تحقيقات شكلية

مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عائد أبو قطيش أكد أن قرار محكمة الاحتلال العسكرية يؤكد الغياب المطلق لمساءلة الجنود عن الجرائم التي يرتكبونها بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وأن كل عمليات القتل لم تخضع للتحقيق.

وقال أبو قطيش لـ"فلسطين"، إن الاحتلال لم يفتح تحقيقات مهنية وشفافة في كل عمليات القتل التي جرت، وما يحدث "تحقيقات شكلية لذر الرماد في عيون المجتمع الدولي، ويتم الانتهاء منها دون إدانة القاتلين".

وأضاف أن جريمة قتل الطفل حلس التي جرت أمام الكاميرات، تظهر أن الطفل لم يشكل أي خطر على الجنود، وأن الاحتلال يستمر في سياسة التعاطي مع الجنود بالطريقة نفسها بإعطائهم ضوءا أخضر للمزيد من القتل.

وبحسب أبو قطيش فإن الجرائم التي يرتكبها الجنود جزء من تركيبة وعقلية القيادة الإسرائيلية سياسيا وعسكريا، تدعمها إجراءات القضاء وتصريحات المسؤولين الذين أشادوا بها، ووصفها بعضهم بـ"أفعال تستحق التثمين".

ولفت إلى أن هناك ملفا كاملا حول جرائم القتل بحق الفلسطينيين قُدم للمحكمة الجنائية الدولية، مستدركا أنه "ثمة مشكلة وهي أن المحكمة لديها سقف سياسي وإجراءات تأخذ فترة طويلة، رغم وجود دعوات لفتح تحقيق شامل في جرائم الاحتلال".